الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قال: علي الطلاق بالثلاثة سأحضر غدا العامل، ولم يحضره

السؤال

زوجي حلف وقال علي الطلاق بالثلاثة سأحضر غدا العامل يركبها، ولم يحضره. هل بذلك حنث في يمينه؟
وهو دائما ما يكرر مثل هذه الأيمان، ولما أكلمه يقول لي: أخرج عن شعوري ولساني ينطقها دون قصد.
أرجو الإفادة العاجلة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان زوجك تلفظ بيمينه مدركاً لما يقول غير مغلوب على عقله فيمينه منعقدة، أمّا إذا تلفظ بها مغلوباً على عقله كالمجنون، فيمينه لغو غير منعقدة.
واعلمي أنّ جماهير أهل العلم على أن الحلف بالطلاق -سواء أريد به الطلاق أو التهديد أو التأكيد- يقع الطلاق بالحنث فيه، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثاً، وهذا هو المفتى به عندنا، وبعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين ولا يقع به طلاق، وعند قصد الطلاق يرى أنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وانظري الفتوى رقم : 5584.
وعليه؛ فالمفتى به عندنا أنّ زوجك إذا كان قد حنث في يمينه فقد طلقت منه ثلاثاً وبنت بينونة كبرى، فلا تحلين له إلا إذا تزوجت زوجاً آخر –زواج رغبة لا زواج تحليل- ويدخل بك الزوج الجديد ثم يطلقك أو يموت عنك وتنقضي عدتك منه.
لكن إذا كان زوجك قد عجز عن الوفاء بوعده، ولم يكن مفرطاً في الوفاء به، كما لو بحث عن الرجل فلم يجده مثلاً، ففي حنثه في يمينه خلاف بين أهل العلم، والظاهر –والله أعلم- أنه لم يحنث في يمينه في هذه الحال.

قال ابن القيم –رحمه الله- : " فَاَلَّذِي يَلِيقُ بِقَوَاعِدِ أَحْمَدَ وَأُصُولِهِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي صُورَةِ الْعَجْزِ، سَوَاءٌ كَانَ الْعَجْزُ لِمَنْعٍ شَرْعِيٍّ أَوْ مَنْعٍ كَوْنِيٍّ قَدَرِيٍّ، كَمَا هُوَ قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْعَجْزُ لِإِكْرَاهِ مُكْرَهٍ " إعلام الموقعين عن رب العالمين (4/ 71)
وما دام في المسألة تفصيل وخلاف بين أهل العلم، فالذي ننصح به أن تعرض المسألة على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم.
وننبه إلى أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، ولا سيما إذا كان بلفظ الثلاث.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني