الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يلبي الصائم المتطوع حاجة زوجته لإعفافها؟

السؤال

زوجي صائم صوم سنة، وداعبني حتى وصول شهوته، وطلبت منه أن يجامعني، ورفض، قال: أنا صائم، قلت: لماذا إذاً أوصلتني لما أنا فيه من تعب، وصدَّ عني؟
فما الحكم هل كان يجب عليه مجامعتي؟
شكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلم نقف على نص لأهل العلم يوجب على الزوج معاشرة زوجته في مثل الحالة المذكورة، وبالنظر إلى ما ورد في النصوص الشرعية من وجوب المعاشرة بالمعروف، فإن ذلك لا يستبعد؛ فالصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء أفطر، وإن شاء صام -كما جاء في الحديث- فينبغي للزوج الصائم صوم تطوع، أن يلبي طلب زوجته إن قدر على ذلك؛ لأن هذا من المعاشرة بالمعروف، التي أمر الله تعالى بها في قوله: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}.
وبما أن له الحق في أن يفطر زوجته في صوم التطوع؛ فإن عليه أن يلبي حاجتها كذلك فيه، إذا احتاجت إليه، وكان قادرا؛ فقد قال الله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228].

قال أهل التفسير: للنساء على الرجال، مثل الذي للرجال عليهن من الحق {بِالْمَعْرُوفِ}. رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «إِنِّي لَأَتَزَيَّنُ لِامْرَأَتِي، كَمَا تَتَزَيَّنُ لِي» لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ. اهـ.

قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: بِالْمَعْرُوفِ: أَيْ لَهُنَّ حَقٌّ مُتَلَبِّسًا بِالْمَعْرُوفِ، غَيْرِ الْمُنْكَرِ، مِنْ مُقْتَضَى الْفِطْرَةِ، وَالْآدَابِ، وَالْمَصَالِحِ، وَنَفْيِ الْإِضْرَارِ، وَمُتَابَعَةِ الشَّرْعِ. اهـ.

ولا شك أن إعفاف الزوجة، وإشباع رغبتها الغريزية حتى لا تتطلع إلى الحرام، من أهم العشرة بالمعروف، والزوج مأجور على ذلك، وقد يكون أجره أعظم من صيام التطوع، وخاصة إذا كان فيه إعفافها، وتطييب خاطرها، أو كان في تركه ما يؤدي إلى انحرافها، وتطلعها إلى الحرام.

قال ابن قدامة في المغني: وَسُئِلَ أَحْمَدُ: يُؤْجَرُ الرَّجُلُ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ وَلَيْسَ لَهُ شَهْوَةٌ؟ فَقَالَ: إي وَاَللَّهِ، يَحْتَسِبُ الْوَلَدَ، وَإِنْ لَمْ يُرْدِ الْوَلَدَ؟ يَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ، لِمَ لَا يُؤْجَرُ؟ وَهَذَا صَحِيحٌ، فَإِنَّ أَبَا ذَرٍّ رَوَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مُبَاضَعَتُك أَهْلَك صَدَقَةٌ. اهـ.
وقد بينا حكم امتناع الزوج في الأوقات العادية عن الجماع، مع قدرته عليه، وحاجة امرأته إليه، انظري تفاصيل ذلك في الفتويين التالية أرقامهما: 116778، 135939.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني