الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم البكاء في الصلاة ووجود طعم الدموع في الفم

السؤال

بكيث أثناء الصلاة، فنزلت دموعي على فمي، وحين شعرت بطعمها أسرعت بمسح الدموع عن فمي، فهل تبطل صلاتي بذلك؟ وجزاكم الله خيرًا على هذا الموقع.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمجرد وجود طعم الدموع في الفم عند مسحها عنه لا يؤثر على صحة الصلاة؛ لأن ذلك ليس فيه تعمد للشرب أو الأكل، وقد نص أهل العلم على أن ابتلاع الريق، وبقايا الطعام في الأسنان لا يبطل الصلاة، وإنما يبطلها تعمد الأكل والشرب، وانظر الفتوى رقم: 201430. وللمزيد عن مبطلات الصلاة انظر الفتوى رقم: 6403.

وأما البكاء في الصلاة فقال عنه ابن جزي المالكي في القوانين الفقهية: والبكاء خشوعًا حسن، وَإِلَّا فَهُوَ كَالْكَلَامِ.

وفيه تفصيل عند العلماء نلخصه مما جاء عنه في الموسوعة الفقهية: يرى الحنفية أن البكاء في الصلاة إن كان سببه ألمًا، أو مصيبة، فإنه يفسد الصلاة؛ لأنه يعتبر من كلام الناس.

وإن كان سببه ذكر الجنة أو النار فإنه لا يفسدها؛ لأنه يدل على زيادة الخشوع، وهو المقصود في الصلاة، فكان في معنى التسبيح أو الدعاء، ويدل على هذا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه كان يصلي بالليل وله أزيز كأزيز المرجل من البكاء.

وحاصل مذهب المالكية في هذا: أن البكاء في الصلاة إما أن يكون بصوت، وإما أن يكون بلا صوت، فإن كان البكاء بلا صوت، فإنه لا يبطل الصلاة، سواء أكان بغير اختيار، بأن غلبه البكاء تخشعًا، أو لمصيبة، أم كان اختياريًّا ما لم يكثر ذلك في الاختياري، وأما إذا كان البكاء بصوت، فإن كان اختياريًّا فإنه يبطل الصلاة، سواء كان لمصيبة أم لتخشع، وإن كان بغير اختياره، بأن غلبه البكاء تخشعًا لم يبطل، وإن كثر، وإن غلبه البكاء بغير تخشع أبطل.

وأما عند الشافعية، فإن البكاء في الصلاة على الوجه الأصح إن ظهر به حرفان، فإنه يبطل الصلاة؛ لوجود ما ينافيها، حتى وإن كان البكاء من خوف الآخرة، وعلى مقابل الأصح: لا يبطل؛ لأنه لا يسمى كلامًا في اللغة، ولا يفهم منه شيء، فكان أشبه بالصوت المجرد.

وأما الحنابلة فإنهم يرون أنه إن بان حرفان من بكاء، أو تأوه خشية، أو أنين في الصلاة لم تبطل؛ لأنه يجري مجرى الذكر، وقيل: إن غلبه وإلا بطلت، كما لو لم يكن خشية؛ لأنه يقع على الهجاء، ويدل بنفسه على المعنى كالكلام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني