الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشروعية الدعاء بتسيير الأمور وجعل الخير فيها

السؤال

لدي سؤال سأحاول توضيحه، وأرجو الإجابة، جزاكم الله خيرا.
ما أعلمه أنه إذا أراد شخص أن يفعل شيئا في المستقبل، فإنه يستخير. مثل أن يستخير قبل السفر، فإن استجيبت الدعوة، وكان الخير له أن يسافر، يسر الله له أن يسافر، وإن كان الخير له أن يبقى، فسيوجد الله الأسباب التي تمنعه من السفر؛ مثل أن يتأخر عن موعد الطيران، أو أن لا يجد حجزا للسفر من الأساس وغيرها. وهكذا الثابت له باستجابة الدعوة هو "الخير".. أما "السفر" فغير ثابت.
وعلى ما أعتقد أنه إذا دعا الله بشيء دون استخارة؛ مثل أن يدعو بأن يسافر فقط. فإن استجيبت الدعوة كان الثابت هو "أن يسافر". أما "الخير" فغير ثابت. بمعنى أنه إذا استجيبت الدعوة، فسيحدث ما دعا به، وهو أن يسافر، ولكن قد لا يكون له الخير في أن يسافر، ويكون سفره شرا له.
أرجو أن لا أكون قد أخطأت في كلامي. سؤالي هو:
هل يجوز أن يدعو الشخص بأن يكون الشيء المستقبل خيرا له؟ بمعنى أن الخير والشيء المطلوب كلاهما ثابتان في حالة استجابة الدعوة. في مثال السفر: إن استجيبت الدعوة فسيسافر، وفي نفس الوقت يكون له الخير في ذلك.
الفرق أن الاستخارة طلب للخير؛ سواء استطاع السفر أم لم يستطع. وأن الدعاء دون استخارة -في هذا المثال- هو طلب للسفر؛ سواء وجد الخير، أو وجد الشر مع السفر.
أما ما أعنيه بالسؤال أن يطلب الاثنين معًا، فيتأكد له السفر، ويتأكد الخير أيضا في سفره.
وهل هناك صفة معينة للدعاء بهذه الطريقة؟ مثلا قول (اللهم اجعل لي الخير في أن كذا كذا)عوضا عن قول ( اللهم -إن- كان لي الخير في كذا كذا ... ) أو عن قول ( اللهم اجعل لي كذا كذا ) دون ربط الخير بالدعاء.
أعتذر عن التكرار والإطالة، ولكن أردت توضيح السؤال قدر المستطاع.
إن أخطأت في شيء في كلامي فصححوا لي، واعذروني.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه يشرع للعبد سؤال الله تعالى أن ييسر له الأمر الفلاني، ويجعل فيه الخير، ويجوز له أن يستخير في الأمر، كما يجوز له الدعاء بتيسير ما يطلبه، وأن يجعل الله فيه الخير، ويدل لذلك ما روى ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمها هذا الدعاء : اللهم إني أسألك من الخير كله، عاجله وآجله، ما علمت منه، وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله، عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك، اللهم إني أسألك الجنة، وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا. وفي رواية : وَمَا قَضَيْتَ لِي مِنْ قَضَاءٍ ، فَاجْعَلْ عَاقِبَتَهُ لِي رَشَدًا. والحديث صححه الألباني.

وفي الحديث : «إذا تمنى أحدكم فليتكثر فإنما يسأل ربه» وفي رواية «فليكثر» رواه الطبراني وصححه الألباني.

قال المناوي في التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 86) : (إِذا تمنى أحدكُم) خيرا (فليكثر) الْأَمَانِي (فَإِنَّمَا يسْأَل ربه) عز وَجل، فيعظم الرَّغْبَة، ويوسع المسألة، فَلَا يختصر وَلَا يقْتَصر، فَإِن خَزَائِن الْجُود سحاء اللَّيْل وَالنَّهَار. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني