الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العزم على إرجاع المطلقة في النفس دون تلفظ لا تحصل به الرجعة

السؤال

تزوجت مدة تقارب التسع سنوات، أنجبنا خلالها ثلاثة أطفال، وكلنا نعيش في كندا، وتزوجنا على سنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ونتيجة خلاف وأثناء الغضب قلت لها ولأول مرة: "أنت طالق" دون أن أعقد النية على تطليقها، وبعد أن هدأت قررت إرجاعها حتى لا أقع في الحرام، وقررت إرجاعها بيني وبين نفسي فقط، وليس أمام شهود، ولا هي سمعتني، ومرة أخرى قلت لها مباشرة: "إنني أخطط لعودتك لي"، وأيضًا لم يكن هناك شهود لهذا الحدث، وكل هذا تم خلال فترة العدة التي هي ثلاثة شهور، وخلال تلك العدة لم تقبل بقرار العودة إلا إذا طلقت الزوجة الثانية، وأثناء العدة خرجنا والأطفال إلى الحديقة، وعبّرت لها عن حسن نيتي في إعادتها بتقبيلها فوق الجبين، علمًا أنها كانت في غاية الحزن لما حدث لأسرتنا، وهي تعلم جيدًا كم أحب أسرتي.
وفي حوار ثنائي بيني وبينها بعد انتهاء العدة أخبرتها أنني قد رددتها، فقالت: إنها لم تسمعني، وقالت: أتذكر فقط عندما قلت: إنك تخطط لإعادتي إليك.
وطبقًا للحياة الأوروبية فالمرأة لها الحق في الخيار أن تقبل بالزوج في البيت أو تطلب منه العيش خارجه، فاختارت الأخير، ومنذ ذلك الوقت وأنا خارج البيت، فما موقف الإسلام من هذا الزواج؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمطلقة الرجعية يجوز لزوجها مراجعتها في عدتها، ولا يشترط لصحة الرجعة رضا المرأة، أو علمها بها، بل تصح الرجعة بمجرد تلفظ الزوج بها، ولو لم تسمعه امرأة، أو غيرها، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ولا يعتبر في الرجعة رضى المرأة؛ لقول الله تعالى: {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحًا}، فجعل الحق لهم. وقال سبحانه: {فأمسكوهن بمعروف}، فخاطب الأزواج بالأمر، ولم يجعل لهن اختيارًا. ولأن الرجعة إمساك للمرأة بحكم الزوجية، فلم يعتبر رضاها في ذلك، كالتي في صلب نكاحه، وأجمع أهل العلم على هذا.

فإن كنت تلفظت بالرجعة -بأن قلت مثلًا: أعدت زوجتي لعصمتي، أو ما في معناها- قبل انقضاء العدة، فقد رجعت زوجتك إلى عصمتك.

أمّا إذا كنت عزمت على الرجعة في نفسك، ولم تتلفظ بصريحها، ولكن تلفظت بعبارة: "إني أخطط لعودتك" فلا تحصل الرجعة بذلك؛ لأنّه مجرد وعد، وكذلك لا تحصل الرجعة بتقبيل جبين الزوجة، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: أما إن قبلها، أو لمسها لشهوة، ... فالمنصوص عن أحمد أنه ليس برجعة.

وإذا أخبرت زوجتك بعد انقضاء عدتها أنّك أرجعتها، ولم تصدقك، ولا بينة لك، فالقول قولها، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وإن قال بعد انقضاء عدتها: كنت راجعتك في عدتك فأنكرته، فالقول قولها.

مع التنبيه إلى أنّ عدة المطلقة تنقضي بثلاث حيضات ممن تحيض، أو ثلاثة أشهر ممن لا تحيض، أو بوضع الحمل من الحامل.

والذي ننصحك به أن تعرض مسألتك على المحكمة الشرعية -إن وجدت-، وإلا فعلى أهل العلم في المركز الإسلامي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني