الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام في طلب المضارب من رب المال تنفيذ بعض الأوامر وتصرفه بغير إذن

السؤال

أعمل كمضارب في سوق الأسهم، حيث أدير أموال بعض الأشخاص، وأراعي في ذلك شروط المضاربة الشرعية التي أخذتها من فتاواكم جزاكم الله خيرا، ولكن مؤخرا تواجهني مشكلة، حيث إني أسكن خارج السعودية، وجميع عملائي من السعودية، وأحيانا هناك صعوبة في الدخول للمحافظ (مواقع البنوك) وتنفيذ أوامر الشراء والبيع، فأصبحت أعطي العميل الأوامر، وهو ينفذها.
فهل لا زالت هذه المعاملة تعتبر مضاربة؟
كذلك فإن بعضهم أحيانا لا يلتزم بالتعليمات التي أوجهها له، فيسبب ضررا وخسارة، ما كانت لتحصل لو أن التنفيذ كان من قبلي مباشرة.
فما الحكم في هذه الخسارة؟ وهل صاحب المال ملزم شرعا بتنفيذ ما أمليه عليه لأني أنا المضارب، ولا يحق له التدخل، أو تغيير الأوامر من غير إذني وموافقتي؟
أرجو الإفادة جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فعمل رب المال مع المضارب، فيه تفصيل، وخلاصة ذلك ما بينه ابن نجيم في البحر الرائق.

فقال: والحاصل أن كل تصرف صار حقا للمضارب، على وجه لا يملك رب المال منعه، فرب المال في ذلك يكون معينا له، سواء باشره بأمره، أو بغير أمره، وكل تصرف يتمكن رب المال أن يمنع المضارب منه، فرب المال في ذلك التصرف عامل لنفسه، إلا أن يكون بأمر المضارب، فحينئذ يكون معينا له ... اهـ.

وعليه؛ فلو طلبت من رب المال تنفيذ صفقة ما، فهذا لا يخل بالمضاربة، ورب المال هنا معين لك فحسب. ولو فعل في ماله ما لم تأذن له فيه، والمال لا يزال نقدا، فهو عامل لنفسه، له ربحه، وعليه خسارته؛ لأن عمله ليس من قبيل الإعانة، ويعتبر ذلك منه فسخا للمضاربة.

قال الحصكفي في الدر المختار، شرح تنوير الأبصار: (وإن أخذه) أي المالك المال (بغير أمر المضارب، وباع واشترى، بطلت إن كان رأس المال نقدا) ؛ لأنه عامل لنفسه. اهـ.

وإن كان المال عرضا، بأن كنت قد اشتريت به الأسهم، وهو تصرف فيها بغير ما أذنت له فيه، فلا يعتبر تصرفه فيه ولو بغير إذن منك، فسخا، وإنما هو معين لك؛ كما قال ابن نجيم -رحمه الله- في البحر الرائق: فرب المال في ذلك يكون معينا له، سواء باشره بأمره، أو بغير أمره. وقوله: ... رب المال لا يتمكن من نقض المضاربة، ما دام المال عروضا. اهـ.

وعليه، فطلبك من رب المال تنفيذ بعض الأوامر، يعتبر توكيلا منك له.

جاء في العناية شرح الهداية: وله أن يوكل، ورب المال صالح لذلك، والإبضاع توكيل؛ لأنه استعانة، ولما صح استعانة المضارب بالأجنبي، فرب المال أولى، لكونه أشفق على المال. اهـ.
وليس له من التصرف إلا ما أذنت له فيه، فإن تعدى، فنشأ عن تصرفه خسارة، فهو ضامن؛ لما قرره أهل العلم من ضمان الوكيل بالتعدي.

قال ابن حزم في المحلى: ولا يحل للوكيل تعدي ما أمره به موكله، فإن فعل لم ينفذ فعله، فإن فات ضمن. اهـ.

وننبه هنا على أنه لا بد من مشافهة أهل العلم بالمسألة، ولا يكتفى فيها بالسؤال عن بعد؛ ليستفصلوا عما ينبغي الاستفصال عنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني