الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوض في أعراض الناس... الحكم والواجب

السؤال

نشكركم على هذا الموقع القيم ومساعدتنا كثيرا على فهم ما يدور في دنيانا.
سؤالي عن صديقة لي ملتزمة دينيا في لباسها، وتؤدي الواجبات الدينية كلها، وتتنفل بالكثير، ولكن لسانها لا يسلم منه الكثير ممن حولها، وأنا متيقنة أنها تسخر مني ومن تصرفاتي عند تركها، وأنا لا أستطيع أن أنبهها على هذا الفعل المشين، وحتى لا أشاركها في فعلها إذا تكلمت أمامي؛ إلا أني أدافع عن الشخص المقصود في كل مرة، وأذكر ما عنده من الأعذار. هل أنا مشتركة معها في الإثم؟
وشكرا لكم، وجزيتم جنَّة عرضها السموات والأرض.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على الإعجاب بموقعنا، ونسأل الله تعالى أن ينفعك، وينفع المسلمين بما ينشر فيه.

وإن كانت صديقتك على الحال الذي ذكرت من أنها لا يسلم من لسانها كثير من الناس، فهي على خطر عظيم، والواجب عليك أن تنصحيها، وتذكريها بالله، وتبيني لها بأسلوب لائق سوء عاقبة هذه الأفعال إن لم تتب منها، روى أحمد في المسند عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله، إن فلانة - يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها - غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: هي في النار... الحديث. قال ملا علي القارئ في مرقاة المفاتيح: هي في النار : أي لارتكاب النفل المباح تركه، واكتساب الأذى المحرم في الشرع، وفي نظيره كثير من الناس واقعون... اهـ.

والتقرب إلى الله بالطاعات ينبغي أن يكون زاجرا عن فعل المعاصي والمنكرات؛ لأن الطاعة إذا فعلت على الوجه المطلوب أثمرت نورا في القلب يكون سببا في لجم النفس عن المعاصي، قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:45}، ومما أثر عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: إن للحسنة ضياء في الوجه، ونوراً في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق.

وقد أحسنت بدفاعك عن الشخص الذي ينال منه لسانها، فمن المطلوب شرعا أن يذب المسلم عن عرض أخيه المسلم، ثبت في مسند أحمد وسنن الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة. ونرجو بهذا الدفاع أن لا تكوني شريكة لها في الإثم.

وننبهك إلى أنه لا يجوز لك مجالستها إن تمادت في النيل من أعراض الناس؛ لأن الله تعالى قال: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {الأنعام:68}. وإن رجوت أن ينفعها الهجر فاهجريها، وراجعي في هجر أصحاب المعاصي الفتوى رقم: 58252.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني