الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا منافاة بين الدعاء وبين سنن الله في خلقه

السؤال

كيف الجمع بين عبادة الدعاء وبين سنة الله في البشر؛ إذ أعطاهم حرية الاختيار، فعند وجود أمرين لا بد من أحدهما، والحيرة والعجز تقهران المسلم. فهل إذا دعا يكون عطل سنة الله في خلقه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا تعارض ولا منافاة بين عبادة الدعاء وبين سنن الله في البشر؛ فالدعاء المشروع لا ينافي الرضا والقبول بما أجرى الله تعالى عليه سننه في خلقه، وهو سبب من أسباب حصول المقدور، فإن الله قدر حصول ما قدره بأسباب؛ من أقواها الدعاء، كما قدر حصول الشبع والري بالأكل والشرب.
والدعاء المشروع -الذي ليس فيه اعتداء- هو الذي يعتبر عبادة، وغير المشروع -وهو ما كان فيه اعتداء- لا يعتبر عبادة.
وحقيقة الاعتداء في الدعاء بينها ابن القيم -رحمه الله- في بدائع الفوائد فقال : فالاعتداء بالدعاء تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من الإعانة على المحرمات، وتارة بأن يسأل ما لا يفعله الله، مثل: أن يساله تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية من الحاجة إلى الطعام والشراب، أو يسأله أن يطلعه على غيبه، أو يسأله أن يجعله من المعصومين، أو يسأله أن يهب له ولدا من غير زوجة.. اهـ
وأما قولك: (عند وجود أمرين لا بد من حصول أحدهما) فلم تمثل لهذين الأمرين، وعلى كل حال؛ فإن كانا من سنن الله الكونية التي أجرى عليها خلقه؛ فإن الدعاء بتعطيلها يعتبر اعتداء، وليس عبادة، ولن يعطل أو يغير شيئا من سنن الله في خلقه؛ فهذه السنن ثابتة لا تتعطل، ولا تتغير، ولا تحابي أحدا، كما قال سبحانه وتعالى: فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا [فاطر: 43].

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني