الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأخير الصلاة عمدا إلى وقت الضرورة

السؤال

هل يجوز للفتاة أن تصلي الظهر في آخر وقته بسبب النوم، نظرا لأني أحيانا أقصر مع والدي بسبب أني استيقظت للصلاة بعد الأذان مباشرة، ثم رجعت للنوم؛ لأني قد لا أنام مباشرة، وأكون متعبة، فأضطر إلى تعويض وقت آخر، قد ضايقهما، أو أحيانا قد لا أرجع للنوم.
وهل يجوز لي فعل ذلك أيضا إن انتهت كل الظروف السابقة، لكن حتى أنام أطول وقت متواصل ليرتاح جسمي أكثر، وتكون عندي قدرة أكبر على العمل والتركيز، ولا أضطر للنوم ثم اليقظة، ثم النوم؟
فأرجو الإجابة في الحالتين وهل علي إثم في الحالتين؟
وفي الحالة الأولى هل أقدم بر الوالدين، لكن أخاف أن أموت الساعة الواحدة ولم أصل، هل إذا مت في هذا الوقت ليس علي شيء؛ لأني أنوي الاستيقاظ لاحقا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن المبادرة إلى أداء الصلاة في أول وقتها أفضل؛ لما ورد في الصحيحين عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
لكن يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها، ما لم يخرج الوقت المحدد لها شرعا؛ لأن وقت الصلاة من الواجب الموسع؛ فقد روى النسائي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل فصلى به الصلوات الخمس في أول وقتها، ثم جاءه في اليوم الثاني فصلى به الصلوات في آخر وقتها، إلا صلاة المغرب فقد صلاها كاليوم الأول، ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما بين هذين وقت كله. صححه الألباني.
وروى الإمام أحمد في المسند وغيره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن وقت صلاة الصبح؛ فأمر بلالاً حين طلع الفجر فأقام الصلاة، ثم أسفر من الغد حتى أسفر، ثم قال: أين السائل عن وقت صلاة الغداة؟ ما بين هاتين أو قال: هذين وقت. وصححه الأرناؤوط.
ولذلك يجوز لك أن تؤخري صلاة الظهر وغيرها من الصلوات إلى آخر وقتها المختار، في الحالات التي ذكرت، وفي غيرها ما لم يخرج وقتها المختار، لكنك تفوتين على نفسك فضيلة أول الوقت.

وأما تعمد تأخيرها من غير عذر شرعي -كنوم، أو مرض- حتى يخرج وقتها المختار، ويدخل وقتها الضروري؛ فإن فاعله يأثم، لكن صلاته تعتبر أداء لا قضاء.

قال الحطاب المالكي: وَمَعْنَى كَوْنِهِ -الوقت- ضَرُورِيًّا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ أَصْحَابِ الضَّرُورَاتِ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَيْهِ، وَمَنْ أَخَّرَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ.. فَهُوَ آثِمٌ. انتهى.

وقال المرداوي في الإنصاف: يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ بِلَا عُذْرٍ إلَى وَقْتِ الضَّرُورَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. انتهى.

ولمعرفة الوقت الاختياري والضروري لكل صلاة، انظري الفتوى رقم: 32380 . وسبق أن بينا في الفتوى رقم: 136972 أن من أخر الصلاة عن أول وقتها فمات في أثنائه قبل ضيقه، وهو عازم على أدائها، أنه لا إثم عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني