الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الهبة والوصية لبعض الورثة دون بعض

السؤال

والدنا المتوفى -رحمه الله- كان متزوجا بثلاث نساء، وله من الأبناء (15) والبنات (15) وهو ميسور الحال، قام بكتابة ما يلي:
1- قام بمحض إرادته، بتسجيل ملك تجاري لكل عائلة من عائلاته الثلاث، وسجلها بأسماء الأولاد فقط، وبدون إشراك البنات.
2- قام بمحض إرادته، بتسجيل بعض دور السكن، بأسماء بعض الأولاد من كل زوجة، وباختيار عشوائي.
3- عند وفاته ترك للعائلات إرثا يتكون من عمارتين، وثلاث دور سكنية: اثنتان منها يسكنها أخوان لنا، أما الثالثة فتسكنها إحدى زوجاته.
4- قبل وفاته أوصى شفهيا بأن يوزع الإرث وفق الآتي:
* العمارات تكتب للبنات فقط، والدور السكنية تعطى لساكنيها (أي لاثنين من الأولاد، والزوجة الساكنة فيها).
أسئلتنا يا فضيلة الشيخ هي:
1- ما حكم هذه الوصية هل يجب التقيد بها أم لا؟
2- حسب هذه الوصية، فإن أربعة من الأولاد، وإحدى الزوجات، لن ينالوا أي حصة من الميراث؛ وذلك لأنه لم يسجل بأسمائهم أي شيء.
فهل هذا فيه ظلم لهم أم لا؟
3- في حالة عدم وجوب تنفيذ هذه الوصية: هل للذين سجلت بأسمائهم أملاك، الحق في المطالبة بالميراث فيما تبقى من الأملاك؟
4- هل تعتبر العمارات والدور التي سجلها الوالد في حياته، ضمن الميراث أم لا؟
5- ما رأيكم في كيفية تقسيم هذا الإرث؟
شاكرا لكم رحابة صدركم، لإطالتي في كتابه التفاصيل، حتى لا نقع في خطأ أمام الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فجوابنا عن سؤالك، يتلخص فيما يلي:
1) وصيته بأن تكون العمارات للبنات، والدور السكنية لساكنيها، هذه وصية ليست واجبة النفاذ، ومن حق كل الورثة إبطالها؛ لأنها وصية لوارثٍ، والوصيةُ للوارث ممنوعةٌ شرعا، ولا تمضي إلا بموافقة الوارث البالغ، الرشيد، وانظر الفتوى رقم: 121878، والفتوى رقم: 170967.

2) الأملاك التي سجلها في حياته بأسماء الذكور، إن كان قد سجلها لهم وهو في مرض مخوف، أو لم يحزها الأولاد حتى مات، فإن تلك الأملاك كلها تدخل في الميراث، ولكل وارث الحق فيها بقدر نصيبه الشرعي من التركة، وأما إذا كتبها باسمهم في غير مرض مخوف، وحازها الأولاد في ذلك الوقت، وصاروا يتصرفون فيها تصرف المالك في ملكه، ورفع والدهم يده عنها، فهذه تعتبر هبة لهم، ولا تدخل في الميراث، لكن إذا لم يعط بقية الأولاد ذكورا وإناثا، فإنه يكون ظالما بتفضيل بعضهم على بعض في الهبة من غير مسوغ، وقد عصى الأبُ ربَّه تعالى حين أعطى بعضهم، ولم يعط البقية؛ لأنه مطالب شرعًا بأن يعدل بين أولاده الذكور والإناث في العطية؛ لحديث: اتَّقُوا اللَّهَ, وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ.

وإذا مات الأب قبل أن يعدل -بالرجوع في الهبة، أو بإعطاء البقية- فإن الهبة ماضية في قول جمهور أهل العلم، وقال بعضهم: تبطل، ويجب على الولد المفضل أن يرد الهبة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته, كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده، رد بعده. اهـ

3) إذا حصل خلاف ونزاع بين الورثة، فلا بد من رفع الأمر للمحكمة الشرعية حتى تسمع من جميع الأطراف؛ فإن هذا أدعى لمعرفة الحق، وإلزام الورثة بالواجب شرعا.

4) لا يمكننا بيان كيفية قسمة التركة على وجه التفصيل، إلا بعد حصر الورثة بطريقة صحيحة.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني