الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في شركة تداول أوراق مالية في قسم الشراء بالهامش

السؤال

أعمل في شركة تداول أوراق مالية، تعمل كوسيط بين العملاء والبورصة، لكي يتمكن العملاء من شراء أسهم وسندات في البورصة المصرية، من خلال الشركة.
أنا في قسم الشراء بالهامش في الشركة، وهذا القسم يعطي تمويل (مديونية) للعملاء، لكي يشتروا بها الأسهم أو السندات، ونحسب فوائد مقابل تمويل الشركة للعملاء، ونرسلها للحسابات لكي تخصم.
هل عملي في هذا القسم بشكل خاص، حرام؟
وهل العمل في هذه الشركة بشكل عام حرام أم لا؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن التعامل بتمويل العميل بمديونية، مقابل فوائد، هو الربا المحرم شرعا، فحقيقته: قرض بشرط زيادة للمقرض، وكل قرض جر نفعا، فهو ربا.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إن انتفاع الدائن من عملية الاستدانة، إن كان بشرط، فهو حرام بلا خلاف.

قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف -أي الدائن- إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك، أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.

وقد روى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: كل قرض جر منفعة، فهو ربا. وهو وإن كان ضعيف السند، إلا أنه صحيح معنى، وروي عن أبي بن كعب، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، أنهم نهوا عن كل قرض جر منفعة للمقرض.

ولأن عقد الاستدانة، عقد إرفاق وقربة، واشتراط المنفعة فيه للدائن، إخراج له عن موضوعه، وهو شرط لا يقتضيه العقد ولا يلائمه. اهـ.

فلا يجوز لك العمل في القسم المذكور؛ لأن في ذلك إعانة على الربا، وقد قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، وفي الحديث: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وقال: هم سواء. رواه مسلم. فلم يجعل الوعيد خاصا بآكل الربا، بل شمل الموكل، والكاتب والشاهد؛ لأنهم أعانوا على أكل الربا.

وأما العمل في الشركة بشكل عام: فهو مبني على نشاط الشركة، فإن كان نشاطها جميعه قائما على المعاملات المحرمة كالإقراض بالربا، فلا يجوز العمل بها مطلقا في أي قسم من أقسامها -ولو كان العمل ليس فيه مباشرة للتعاملات الربوية-

فقد سئلت اللجنة الدائمة: هل يجوز للإنسان العمل في بنك يتعامل بالربا، مع أنه لا يقوم في البنك بعمل ربوي؟
فأجابت: لا يجوز لمسلم أن يعمل في بنك تعامله بالربا، ولو كان العمل الذي يتولاه ذلك المسلم في البنك غير ربوي؛ لتوفيره لموظفيه الذين يعملون في الربويات ما يحتاجونه، ويستعينون به على أعمالهم الربوية، وقد قال تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.اهـ.
وأما إن كان فيها أقسام ذات تعاملات منضبطة بالضوابط الشرعية، ولا علاقة لها بالتعاملات المحرمة، فحينئذ لا حرج في العمل في مثل هذه الأقسام. وانظر الفتوى رقم: 114862، والفتوى رقم: 336106.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني