الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا رجل على مشارف الثلاثين من العمر، سؤالي هو عن الاعتداء في الدعاء: حيث إنني أدعو الله بدءًا بالحمد والثناء عليه، وتعظيمه، واستغفاره، وشكره وحمده على نعمه التي أعطانا إياها، ثم بالصلاة على النبي، ثم أدعو لنفسي بما أريد.
وفي الحقيقة أنا أدعو الله أن يزيدني طولا وقوة، وبسطة في الجسم، وزينة في الوجه، وحسن الخلقة، ورجاحة في العقل.
لقد دعوته بهذا الذي في نفسي من باب قوله تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) زيادة الطول، والبسطة في الجسم، هو أمر أتمناه من باب الزيادة والطمع الآدمي، الحمد لله لا أعاني من قصر القامة، وطولي مناسب، لكن أتمنى الزيادة، والله قادر على كل شيء، حيث إنني على هذا الطول تقريباً منذ أن بلغت السابعة عشرة تقريبا، قبل أن تتوقف مرحلة النمو تماما.
قرأت لكم عدة فتاوى في الموقع بهذا الخصوص، منها ما أباح أن يدعو الداعي أن يرزقه الله طول القامة، ومنها ما نهى عنه، وأنه اعتداء في الدعاء. أنا شخصيا ً كنت أجهل أنه كانت أمامي فرصة أن أزداد طولا ً أثناء مرحلة النمو، لكن لم أعلم عن هذه الأمور إلا في مرحلة متأخرة جدا، إذا كان طلبي من الله أن يزيد طولي، ويرزقني بسطة وقوة في الجسم، سواء من قوة جسدية، أو جنسية، ويغير حالي للأفضل، هو من الاعتداء في الدعاء، وهذا ما لم أكن أعلمه سابقا، وأتمنى ألا يكون من الاعتداء في الدعاء، فأنا لم أدع بقطعية رحم، أو أمر كفري.
فهنا في موقعكم طرح سؤال عن الدعاء بطول العضو الذكري، وكان الجواب في مجمله: لا يوجد ما نع من الدعاء، رقم الفتوى: 56964 وهل دعائي بالشفاء من الأمراض المزمنة، والعلل الجسدية هو أيضا ًمن الاعتداء في الدعاء، بحكم أنها أمر واقع لا يكمن تغييره. ابتليت بمرض ارتفاع ضغط الدم ( وراثيا حسب كلام الأطباء) وكما تعلمون الأدوية الموصوفة هي في مجملها تؤدي عملية تنظيم وضبط لهذا المرض، ولا يوجد علاج من هذا المرض بشكل نهائي، وما تبعه الآن من أمراض مثل الكوليسترول.
فهل هذا أيضا يعتبر من الاعتداء في الدعاء؟
أيضا ًمن ضمن دعائي أدعو للمسلمين أجمعين الأحياء منهم والأموات. هل يحصل لي الأجر بدعائي لهم؟
أتمنى أن أجد لديكم إجابة واضحة، مفصلة.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن المقرر عند أهل العلم أن من صور الاعتداء في الدعاء: سؤال شيء مستحيل في العادة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 323944.
ومن المعهود في خلقة البشر أن نمو قامتهم يتوقف عند حد معين، ولذلك سبق أن نبهنا على أن الدعاء بطول القامة، لا حرج فيه إذا كان الشخص لا يزال في مرحلة النمو، بخلاف ما إذا كان بعد اكتمال النمو، واستقرار القامة، فإن فيه نوع اعتداء، وراجع الفتويين: 184181، 209851.
وجاء في رسالة الاعتداء في الدعاء لسعود العقيلي: الاعتداء في معاني الدعاء: أن يكون المسؤول ممتنعاً عقلاً وعادة، وله صور؛ كإحياء الموتى، ورؤية الله في الدُّنيا، أو يسأل منازل الأنبياء في الآخرة، أو معجزاتهم في الدُّنيا ... كذلك الدُّعاء بتغيير لون البشرة، أو الطُّول أو القصر، وأن تسأل المرأة التي بلغت سن اليأس ولداً، وكذلك التي استُئصل رحمُها ... اهـ.

وأما ما قرأتَه في الفتوى رقم: 56964، فمبناه على أن ذلك ليس مستحيلا عقلا، أو عادة.
وأما الدعاء بالشفاء من مرض مزمن، فليس من الاعتداء، كما سبق أن نبهنا عليه في عدة فتاوى، منها الفتاوى التالية أرقامها: 274942، 187679، 261046، 264517.
ثم إن المريض المضطر، يجوز له أن يدعو بكشف ضره بالغا ما بلغ.

جاء في كتاب (الأزهية في أحكام الأدعية ص 57 ، 58) للزركشي: يجوز أن يسأل اللهَ العبدُ سؤالا مطلقا أن يكشف عنه ضرورة وقعت له، فينقض الله له عادة، كما إذا حدث له في بادية جوع أو عطش، أو برد شديد وهو مأذون له في دخولها من جهة الشرع، فدعا الله بكشف ما أصابه من الضر مطلقا، كان ذلك جائزا، وإن كان في إجابته إياه نقض العادة، وقد يفعل ذلك به من غير مسألته جزاء له لتوكله، وقوة إيمانه. اهـ.
وأما الدعاء للمسلمين جميعا، وهل يحصل بذلك أجر للداعي؟ فجوابه أن: نعم، يثاب الداعي لعموم المسلمين، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 215431.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني