الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم توكيل الأخ خاله في تزويج أخته مع وجود الأب

السؤال

طلق الوالد أمنا منذ أكثر من ربع قرن، ومنذ ذلك الوقت وهو مهمل لأولاده، حيث أهمل تربيتهم وعلاجهم وتعليمهم والنفقة عليهم وطرد أمهم، علماً بأن أكبرهم كان عمره 12 عاما، وقد كبر الأولاد في غياب الأم والأب في بيت بعناية بسيطة من الجد ـ أبي الأب ـ ثم أنعم الله على كبير الإخوة، فأصبح طبيبا، وتولى تربية إخوته ـ تعليمهم وعلاجهم وتزويجهم ـ وخلال تلك السنوات الطويلة كانت العلاقة شبه مقطوعة مع الأب لعدة أسباب أهمها وجود زوجة ثانية كانت سبب الكثير من المآسي التي حلت بالأولاد خلال أكثر من ربع قرن، وقد تم تزويج إحدى البنات من الأم المطلقة بتوكيل الخال من أخيها الأكبر الذي رباها بعد قطيعة والدها، فهل عقد الزواج صحيح شرعاً في غياب الأب ووجود الأخ المربي، علماً بأن التواصل معه كان صعباً، ولكنه ممكن بصعوبة بالغة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأبوكم هو الأحق بتزويج أختكم، ولا ولاية لأخيكم عليها مع وجود الأب، قال ابن قدامة في المغني: وأما المرأة الحرة فأولى الناس بتزويجها أبوها, ولا ولاية لأحد معه، وبهذا قال الشافعي، وهو المشهور عن أبي حنيفة.... اهـ.

وما ذكر من تفريط الأب في حق أولاده لا يسقط ولايته عليهم، ومادام التواصل معه ممكنا ولو كان بصعوبة، فولايته باقية، وبناء على ذلك فليس لأخيها الحق في أن يوكل خاله لتزويجها، فيكون هذا الزواج باطلا، يلزم فسخه وتجديد العقد على الوجه المشروع على رأي من يرى أن عقد الأبعد مع وجود الولي الأقرب كالعدم، وإن وجد من هذا الزواج ولد فنسبه لاحق بأبيه للشبهة، ونرجو مطالعة الفتوى رقم: 194881.

وننبه إلى أمرين:

الأول: أن الأولاد لهم حقوق على أبيهم يجب عليه القيام بها تجاههم، ومن ذلك الإنفاق عليهم بالمعروف، فإن فرط في شيء من ذلك فهو آثم، ثبت في سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت.

فتجب التوبة من ذلك.

الثاني: أن على المسلم أن يسأل عما يحتاج إلى معرفته من أمور دينه قبل الإقدام على الفعل، لئلا يقع في الحرج بالإقدام على عمل يكون مآله إلى البطلان، قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}.

قال القرطبي في تفسيره: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها، لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه، ويحتاج إليه: أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه، لقوله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني