الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دلالة تعقد الأمر وصعوبته بعد الاستخارة

السؤال

لي حاجة أدعو بها منذ سنتين، وهي حاجة إدارية أجلها نهاية هذا الأسبوع، وكل ما أسعى وأجتهد من أجلها تتعقد الأمور أكثر فأكثر، وهذا بعد استخارة، وقيل لي إن الله لا يريد هذا الأمر، ولهذا تصعب الأمور، وقيل لي إنه امتحان من الله حتى أصبر أكثر، وأجتهد في السعي والدعاء أكثر، فأيهما أصح؟ تعبت كثيرا، ولا أدري هل يجب علي ترك الأمر أو الاجتهاد فيه؛ لأن الدعاء يحقق المستحيل؟
أرجو منكم الدعاء لي بتيسير أموري، وتحقيق أماني.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كل ما يجري في هذا الكون أو يحدث فيه من حركة أو سكون، أو صحة أو مرض, أو رزق, فهو بقضاء الله تعالى وقدره، كما دلت على ذلك نصوص الوحي من القرآن والسنة، فقد قال الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:49}. وقال تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا {الفرقان:2}.

وفي صحيح مسلم عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة. وقال صلى الله عليه وسلم: كل شيء بقدر، حتى العجز والكيس. أخرجه البخاري.

ومن استخار الله تعالى في حصول أمر, ولم يحصل, فهذا دليل على أن الله تعالى قد اختار عدم حصوله، يقول الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ في فتاوى نور على الدرب: صلاة الاستخارة مسنونة إذا تردد الإنسان في الأمر، لأنه لا يعلم العاقبة، فيكل الأمر إلى الله عز وجل، وصفتها أن يصلي الإنسان ركعتين من غير الفريضة، فإذا سلم دعا بدعاء الاستخارة المعروف، ثم إذا قدر له أن يكون الشيء، فهذا دليل على أن الله تعالى اختار له أن يكون، وإذا صرف عنه بأي نوع من الصوارف دل على أن الله تعالى اختار له ألا يكون. انتهى.

فأكثري من الدعاء, والاستغفار, وأحسني الظنّ بالله، واعلمي أنّ الله قد يصرف عنك شيئا ترغبين فيه، ويدخر لك خيرا منه، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ { البقرة:216}.

وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتاب الفوائد: والعبد لجهله بمصالح نفسه، وجهله بكرم ربه، وحكمته، ولطفه لا يعرف التفاوت بين ما منع منه، وبين ما ذخر له، بل هو مولع بحب العاجل، وإن كان دنيئا، وبقلة الرغبة في الآجل، وإن كان عليّا. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني