الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جواز قطع قراءة القرآن لتنبيه غافل ورد سلام

السؤال

كنت حائضا في يوم من الأيام، وكنت أُسمِّع لإحدى الأخوات القرآن، وكانت الأخوات يصلين جماعة، فرأيت إحدى الأخوات انكشف قفاها وهي تصلي، فقمت وغطيته لها- وأنا لا أجد مشقة في ذلك- فانكشف مرة أخرى، أو لفتاة أخرى.
فهل علي أن أكمل لها التسميع، أم أقوم لتغطيته لها، وربما ينكشف جزء من شعرها؟ وماذا لو كنت أنا التي أُسِّمع عند المعلمة؟
وأيضا لو وقفت بعض الأخوات في الصف الثاني، وواحدة في الصف الأول ينكشف شعرها من الخلف، أو قفاها.
فهل علي أن أتخطى الصف (وهن يصلين جماعة) أم ليس علي شيء؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أحسنت بما أقدمت عليه من ستر ما انكشف من عورة تلك الفتاة أثناء الصلاة, وإذا رأيت مستقبلا إحدى أخواتك قد انكشف شيء من عورتها أثناء الصلاة, فعليك تنبيهها بالكلام، كأن تقولي لها: قد انكشف شيء من جسدك, أو شعرك مثلا, فهذا من باب تنبيه الغافل, والأمر بالمعروف, وكلاهما واجب عند بعض أهل العلم.

فقد جاء في حاشية العدوي على شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: وهل يجب إيقاظ النائم؟ لا نص صريح في المذهب، إلا أن القرطبي قد قال: لا يبعد أن يقال إنه واجب في الواجب، ومندوب في المندوب؛ لأن النائم وإن لم يكن مكلفا، لكن مانعه سريع الزوال فهو كالغافل، وتنبيه الغافل واجب. انتهى.

وفي مطالب أولي النهى، للرحيباني الحنبلي: (ويلزم) مستيقظا (إعلام نائم بدخول وقتها) -أي الصلاة- (مع ضيقه) أي الوقت، وظاهره: ولو نام قبل دخوله (ويتجه): إنما يلزم إعلام نائم (إن ظن أنه يصلي)، أما إذا علم أن إعلامه لا يفيد، فالأولى تركه، وهذا مبني على أن الأمر بالمعروف لا يجب إلا إذا ظن امتثال المأمور، وهو قول لبعضهم، والمذهب وجوبه أفاد أو لم يفد؛ لقوله تعالى: {وأمر بالمعروف} [لقمان: 17]. انتهى.

ولا يمنعك من الإقدام على هذا الأمر، كونك تقرئين القرآن, أو تستمعين إليه من غيرك, فإن قراءة القرآن يجوز قطعها لحاجة شرعية؛ كرد سلام, أو أمر بمعروف, أو نهي عن منكر, ونحو ذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وأما إذا كان خارج الصلاة في قراءة أو ذكر، أو دعاء، فإنه يقطع ذلك، ويقول مثل ما يقول المؤذن؛ لأن موافقة المؤذن عبادة مؤقتة يفوت وقتها، وهذه الأذكار لا تفوت، وإذا قطع الموالاة فيها لسبب شرعي كان جائزا، مثلما يقطع الموالاة فيها بكلام لما يحتاج إليه من خطاب آدمي، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر. انتهى.

ولا بأس بقطع الصف الثاني لتنبيه إحدى الطالبات ـ على ما انكشف منها ـ في الصف الأول؛ لأن تخطي الرقاب لمصلحة، جائز، كسد فرجة في الصف الأمامي, ولا شك أن هذا الأمر أعظم؛ لما فيه من المحافظة على صحة صلاة مسلم, وراجعي الفتوى رقم: 333670.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني