الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصلاة على الأفعال والأعمال

السؤال

لقد قرأت في أحد مواقع التواصل الاجتماعي لأحد الأشخاص التالي: (اللهم صلّ على ثورة ٢٦ سبتمبر، وعلى آله، وصحبه أجمعين) وثورة ٢٦ سبتمبر هي ثورة حصلت في اليمن عام ١٩٦٢، وحين حاججه الإخوة رد عليهم قائلًا: إن ذلك جائز، مستدلًا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "اللهم صلِّ على آل أبي أوفى"، فنرجو من سماحتكم توضيح هل ذلك جائز أم لا؟ وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالصلاة على الثورات بدعة في الدين، ونرى أنه ربما يدخل في التلاعب بشعائر الدين، فالصلاة إنما شرعت على الأشخاص -كالنبي صلى الله عليه وسلم، وغيره من الأنبياء والرسل-، فهي من شعار الدعاء للأنبياء، ولم يرد في الشرع -فيما نعلم- الصلاة على الأفعال والأعمال، وإذا كان جمهور العلماء قد منعوا الصلاة على غير الأنبياء من الأشخاص، فكيف بالصلاة على الأفعال؟

جاء في الموسوعة الفقهية: أَمَّا الصَّلاَةُ عَلَى غَيْرِ الأْنْبِيَاءِ؛ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى سَبِيل التَّبَعِيَّةِ، كَمَا جَاءَ فِي الأْحَادِيثِ السَّابِقَةِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آل مُحَمَّدٍ، فَهَذَا جَائِزٌ بِالإْجْمَاعِ.

وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا أَفْرَدَ غَيْرَ الأْنْبِيَاءِ بِالصَّلاَةِ عَلَيْهِمْ، فَقَال قَائِلُونَ: يَجُوزُ ذَلِكَ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ}، وَقَوْلِهِ: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ}، وَقَوْلِهِ: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}، وَبِخَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ، قَال: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ، فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ، فَقَال: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آل أَبِي أَوْفَى.

وَقَال الْجُمْهُورُ مِنَ الْعُلَمَاءِ: لاَ يَجُوزُ إِفْرَادُ غَيْرِ الأْنْبِيَاءِ بِالصَّلاَةِ؛ لأِنَّ هَذَا شِعَارٌ لِلأْنْبِيَاءِ إِذَا ذُكِرُوا، فَلاَ يَلْحَقُ بِهِمْ غَيْرُهُمْ، فَلاَ يُقَال: قَال أَبُو بَكْرٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ قَال: عَلِيٌّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى صَحِيحًا، كَمَا لاَ يُقَال: مُحَمَّدٌ عَزَّ وَجَل، وَإِنْ كَانَ عَزِيزًا جَلِيلاً؛ لأِنَّ هَذَا مِنْ شِعَارِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَل. اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني