الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجوز هجر الوالدين البتة

السؤال

حصل خلاف بين زوجي وأهلي على قسمة الميراث، مع العلم أن زوجي هو ابن عمي، وابن خالتي، وكانت القسمة مبنية على البهتان، وغير العدل، مع العلم أن أخوات زوجي يتيمات الأم، ولم يأخذن حقهن الشرعي من الميراث بقسمة عادلة.
ومنذ ذلك اليوم لم أكلم أمي وأبي، وقد قمت بإيصال رسالة لهما أني لن أعود إلى الكلام معهما حتى يرجعا حق اليتيمات، وتعاد القسمة بشكل عادل، مع العلم أن زوجي لم يمنعني عنهما، ولا من وصلهما.
هل أنا آثمة؟ وهل دخلت في عقوق الوالدين؟ وكيف يكون الطريق الصحيح في التعامل في هذه الحالة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك هجر والديك، وعليك المبادرة بالتوبة إلى الله، والرجوع إلى صلة والديك، فحق الوالدين عظيم، ولا يسقط بظلمهما أو قوعهما في الإثم، وإذا كانا قد ظلما غيرهما في الميراث، فعليك نهيهما عن ذلك، لكن برفق وأدب.

قال ابن مفلح -رحمه الله-: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ، يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. الآداب الشرعية.
ولا بأس بالاستعانة ببعض العقلاء من الأقارب، أو غيرهم من الصالحين، لينصحوهما، ويأمراهما برد الحقوق إلى أهلها.

قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: " ... إلا الوالدين، فالوالدان لهما شأن، فالوالدان لا، لا يهجر الوالدين، بل يزور الوالدين، ويعتني بالوالدين، وينصح الوالدين ولا يهجرهما؛ لأن الله جل وعلا قال في كتابه العظيم في حق الوالدين: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}، أمره أن يصحبهما في الدنيا بالمعروف، وإن جاهداه على الشرك، يدعو الله أن يهديهما بأسبابه؛ لأن حقهما عظيم، وبرهما من أهم الواجبات، فلا يهجرهما، ولكن يتلطف فيهما، وقد اجتهد إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع أبيه مع أنه مشرك، معلن بالشرك، مع ذلك اجتهد إبراهيم في دعوة أبيه عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن الوالدين لهما شأن عظيم، فلا يهجرهما الولد، بل يتلطف بنصيحتهما وتوجيههما للخير، ويستعين على ذلك بمن يتيسر من أخوال أو إخوان أو أعمام، أو.." فتاوى نور على الدرب لابن باز.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني