الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وهب الزوج مالًا له في البنك لزوجته بعد موته، فكيف تكون حيازته؟

السؤال

وهب الزوج مالًا له في البنك لزوجته، وقال لها: إن مت، فالمال لك، والهبة لا تكون إلا بحوز المال، فكيف يكون الحوز، بحيث يصير المال ملكًا لها، مع أنه في رصيد الزوج؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الهبة المعلقة بموت الواهب، تعد في حقيقتها وصية، وليس هبة، والوصية لوارث لا تصح، كما لا تصح أيضًا بما زاد على الثلث، إلا إن أجازها بقية الورثة، كما سبق في الفتوى رقم: 63991.

فإذا أراد الزوج أن تكون الهبة صحيحة: فعليه أن يجعلها هبة منجزة، فلا يعلقها بموته، وكذلك عليه أن يُقبض زوجته الهبة، فإن الهبة لا تلزم إلا بالقبض على الراجح، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: الإيجاب والقبول ركن من أركان الهبة باتفاق الفقهاء.

أما القبض فلا بد منه لثبوت الملك، وذلك عند الحنفية، والشافعية؛ لأن الملك لو ثبت بدونه، للزم المتبرع شيء لم يلتزمه، وهو التسلم، فلا تملك بالعقد بل بالقبض؛ لما روي عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: إن أبا بكر الصديق كان نحلها جادَّ عشرين وسقًا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: "والله، يا بنية، ما من الناس أحد أحب إليّ غنى بعدي منك، ولا أعز عليّ فقرًا بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقًا، فلو كنت جددتيه، واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث.

وما ذهب إليه الحنفية، والشافعية، هو رأي بعض الحنابلة.

والرأي الآخر للحنابلة: أن الهبة تملك بالعقد، فيصح التصرف من الموهوب له فيها قبل القبض، كذا في المنتهى وشرحه، وهو الذي قدمه في الإنصاف.

وعند المالكية: تملك الهبة بالقبول على المشهور، وللمتهب طلبها من الواهب إن امتنع، ولو عند حاكم، ليجبره على تمكين الموهوب له منها، لكن قال ابن عبد السلام: القبول والحيازة معتبران في الهبة، إلا أن القبول ركن، والحيازة شرط، أي في تمامها، فإن عُدم لم تلزم، وإن كانت صحيحة. اهـ. باختصار.

وانظر الفتوى رقم: 277444.

وأما كيفية قبض الأموال: فيكون بتمكين الموهوب له بالتصرف فيها، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: قبض الأموال كما يكون حسيًّا في حالة الأخذ باليد، أو الكيل، أو الوزن في الطعام، أو النقل والتحويل إلى حوزة القابض، يتحقق اعتبارًا وحكمًا بالتخلية، مع التمكين من التصرف، ولو لم يوجد القبض حسًّا، وتختلف كيفية قبض الأشياء بحسب حالها، واختلاف الأعراف فيما يكون قبضًا لها.

ثانيًا: إن من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعًا وعرفًا:

1- القيد المصرفي لمبلغ من المال، في حساب العميل، في الحالات التالية:

أ - إذا أودع في حساب العميل مبلغ من المال مباشرة، أو بحوالة مصرفية.

ب - إذا عقد العميل عقد صرف ناجز بينه وبين المصرف، في حال شراء عملة بعملة أخرى لحساب العميل.

ج - إذا اقتطع المصرف - بأمر العميل - مبلغًا من حساب له، إلى حساب آخر بعملة أخرى، في المصرف نفسه، أو غيره، لصالح العميل، أو لمستفيد آخر، وعلى المصارف مراعاة قواعد عقد الصرف في الشريعة الإسلامية.

ويغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي، للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل، على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة، إلا بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلي.

2- تسلم الشيك إذا كان له رصيد قابل للسحب بالعملة المكتوب بها عند استيفائه، وحجزه المصرف. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني