الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دواء من ابتلي بوسواس الطلاق

السؤال

عقدت قراني قبل أربع سنوات، ودخلت بزوجتي بعد سنة من عقد القران. خلال فترة عقد القران، حدثت عدة مشاكل بيني وبين زوجتي، لا أذكر حاليا تفاصيل هذه المشاكل، لكن خلال فترة هذه المشاكل عشت في غم وهم، جعلني عاجزا عن التفكير في أي شيء عدا هل وقع طلاق أم لم يقع؟ حيث إني كنت أهدد خطيبتي بالانفصال، فقط للتهديد بدون نية انفصال. وبعد الزواج حدث كثير من المشاكل، لا أذكر خلالها أني تلفظت بلفظ صريح للطلاق، لكن في إحدى المرات قلت لأبيها: إذا أصرت على أن تبقى عندكم، فكل شيء انتهى (فسألني والدها: ما ذا يعني: انتهى؟ فقلت له: أي لن أعود لأرجعها، ولترجع وحدها. في الحقيقة أنا أحب زوجتي، وأنجبت منها طفلين، لكن ما يجعل حياتي كلها هما وغما هو خوفي من وقوع الطلاق خلال فترة عقد القران قبل الدخول، وأن تكون حياتي كلها: حراما في حراما .... الموضوع الآن انتهى بي إلى أني لا أقرأ القرآن، إذ أقول في نفسي: ما الفائدة من أداء العبادات، وكل عيشي قد يكون حراما (شك يخالط اليقين) وأحيانا أفكر في أن أنهي حياتي مع زوجتي، وأخلص نفسي من هذا الهم، لكن في نفس الوقت لا أريد أن أظلمها وأظلم أبنائي.
هذه بعض المواقف التي أذكرها مما حصل بيني وبين زوجتي:
1. في فترة عقد القران، حصل خلاف بيني وبين والدي، فقالت على موضوع تكاليف الزواج، فقلت له وأنا في قمة الغضب: أنا سأطلقها (لست أدري وقتها إن قصدت أن أوقع الطلاق أم لا، وقتها لم أُلق بالا لما حصل، لكني تذكرت بعد عدة أشهر هذا الموقف، وغلبت وقتها أني لم أقصد الطلاق حينها)
2. في أثناء عقد القران حدثت مشكلة بيني وبين خطيبتي، فقالت لي باستهزاء: يا الله نفسخ، فقلت لها: يا الله، دون تفكير بمعنى الطلاق، وما أذكره أن قلت يا الله باستهزاء، وتعجب! لكن لا يقين عندي في كيف قلت يا الله.
3. خلال المشكلة رقم: 2 فكرت كثيرا فيما قلت، وقرأت كثيرا، لم أصل إلى حل في هذه الليلة، نمت، وعندما استيقظت صباحا كنت أحلم بأني في هم بسبب ما حصل، واستيقظت وأنا أقول: ما أنا طلقتها (لست متيقنا هل قلت ذلك عن خطيبتي في الحلم، أم في الحقيقة، ولست متأكدا إن كنت قلتها بصوت سمعته أم بصوت منخفض؟ لكن ازدادت شكوكي، وقلت لمخطوبتي ما حصل، وقلت لها أن تقول لوالدها، فقالت لوالدها، وطمأنها أن هذا لا يوقع الطلاق.
4. عشت بعد ذلك فترة من الضياع، كل تفكيري وقراءتي عن الطلاق وهل يقع أم لا يقع؟
5. في الزواج حدثت مشكلة بيني وبين زوجتي وهي في بيت أهلها، فقلت لأبيها: إن لم تأت معي، اعتبر كل شيء انتهى، فسألني: ماذا يعني: انتهى؟ فقلت له: يعني لن آتي لأرجعها، ولترجع وحدها (لست أذكر إن قصدت الطلاق أم لا) لم ترجع زوجتي، واتفقت مع عمي أن آتي في اليوم التالي لأخذها، لكن أذكر وقتها أني فعلا فكرت قبل أن أقول لأبيها: اعتبر كل شيء انتهى، بأن قصدي من هذه العبارة هو فعلا ما قلته لعمي، وليس الطلاق، لكن لست متأكدا أن هذا فعلا ما فكرت به، أم إن نفسي تقول لي إن هذا ما حصل لأجنب نفسي الطلاق (فأنا في عقلي فعلا لا أريد الطلاق؛ لأني أحب عائلتي)
أرجو منكم إفادتي فيما إذا كان الطلاق قد وقع أم لا؟ وماذا أفعل، فحياتي أصبحت جحيما لا يطاق، بسبب ما أنا فيه من الشك؟
شكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فكل ما ذكرته في سؤالك لا يقع به الطلاق، سواء ما حصل قبل الدخول أو بعده، فلا تلتفت لهذه الشكوك والوساوس، وأعرض عنها بالكلية، واحذر من التهاون معها، والاسترسال مع وساوس الشيطان التي تحثك على تطليق امرأتك للتخلص من هذه الشكوك.

قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: وقد ذكر لي بعض الناس الذين ابتلوا بمثل هذا، أنه قال مرة من المرات: ما دمت في قلق وتعب، سأطلق، فطلق بإرادة حقيقية تخلصاً من هذا الضيق الذي يجده في نفسه، وهذا خطأ عظيم، والشيطان لا يريد لابن آدم إلا مثل هذا أن يفرق بينه وبين أهله، ولا سيما إذا كان بينهم أولاد؛ فإنه يحب أن يفرق بينهم أكثر لعظم الضرر، والعدو -كما هو معلوم لكل أحد- يحب الإضرار بعدوه بكل طريق، وبكل وسيلة. والطريقة التي فعلها هذا الذي ذكر لي الطريقة ليست بصواب، وليس دواء من ابتلي بالوسواس أن يوقع ما يريده الشيطان منه، بل دواؤه أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم. فتاوى نور على الدرب - لابن عثيمين -
فأمسك زوجتك وعاشرها بالمعروف، ولا تلتفت للوساوس، واستعن بالله ولا تعجز.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني