الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم البيت أو المحل المشترى بمال مكتسب من بيع أشرطة أغان

السؤال

كنت أعمل في بيع الأغاني، وفي تلك الفترة اشتريت منزلا من المال الذي كسبته من بيع تلك الأشرطة، واشتريت محل تموينات من كسب بيع الأشرطة، وبعد شراء المنزل ومحل التموينات تركت محل الأشرطة، وأعمل الآن في محل التموينات، فهل يعتبر عملي في التموينات حلال أم حرام.
وبالنسبة للمنزل: فما الواجب علي القيام به؟ وبما أن محلات بيع الأغاني حرام، فلماذا لا تقوم الجهات المعنية بالأمر بمنع فتح تلك المحلات مثلها مثل بقية المحرمات؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما المحل المشترى بالمال المكتسب من ذلك النشاط والعمل فيه، فلا حرج عليك فيه، لكن هل يلزمك التخلص من قدر ما استهلكته من المال المكتسب من ذلك النشاط، سواء في شراء المحل أو غيره، الجواب عن ذلك ينبني على ما يلي: وهو أن بيع أشرطة الأغاني المحرمة كالمشتملة على الموسيقى، أو التي تؤديها المغنيات بأصواتهن، أو المشتملة على معان وكلمات تدعو للرذيلة، وتهيج على فعل الحرام لا يجوز، وإن كان عملك السابق في ذلك فالحمد لله أن من عليك بالهداية ووفقك للكف عنه، ونسأله سبحانه ألا يزيغ قلبك بعد إذ هداك، وأن يهب لك من لدنه رحمة، وأن يهيئ لك من أمرك رشدا.

وأما ما كسبته من ذلك العمل واستثمرته في محل أو استهلكته في شراء منزل، ففيه تفصيل بين مالو كنت كسبته جاهلا بحرمته، أو كسبته عالما بحرمته، وذلك لأن بعض أهل العلم يرى أن من كسب مالا حراما وهو جاهل بحرمته، ثم تاب فله الانتفاع بما اكتسبه، لقوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ {البقرة:275}.

وأما العالم بالحرمة فلا عذر له، بل عليه التخلص من قدر الحرام في ماله في المصالح العامة للمسلمين أو يدفعه للفقراء والمساكين، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله: الذي يظهر لي: أنه إذا كان لا يعلم أن هذا حرام، فله كل ما أخذ، وليس عليه شيء، أو أنه اغتر بفتوى عالم أنه ليس بحرام، فلا يخرج شيئاً، وقد قال الله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ {البقرة:275} أما إذا كان عالماً، فإنه يتخلص من الربا بالصدقة به، تخلصاً منه، أو ببناء مساجد، أو إصلاح طرق، أو ما أشبه ذلك. اهـ.

وبناء على القول بالتفصيل، وأن للجاهل ما سلف إذا تاب وكف، فإن كنت كسبت المال من بيع ما هو محرم جاهلا بحرمته وقد كففت عنه، فلا حرج عليك في الانتفاع به، وهو قول له وجه من النظر، كما بينا في الفتوى رقم: 51059.

وأما لو كنت عالما بحرمة ذلك فعليك التخلص من قدر الحرام، فالشريط المشتمل على غناء محرم مثلا يفصل في ثمنه، فما يقابل ذات الشريط ليس محرما، وما يقابل المادة المحظورة التي يتضمنها محرمة، وعلى هذا يمكن تقدير نسبة الحرام والحلال، وعند عدم معرفة ذلك يحتاط في التقدير.

وأما مسألة منع فتح المحلات التي تبيع الحرام: فالحرام درجات منه مالا خلاف في حرمته وخبثه، ومنه ما اختلف فيه ولا يستويان، كما أنه من حيث الأثر منه ما يكون ضرره عاما ظاهرا على المجتمع، ومنه ما لا يكون كذلك، وعلى كل فالمرجع هو الجهات المسؤولة في بلدك فيرجع إليها في ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني