الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكن عيش البشر في غير الأرض؟

السؤال

لا شك أن الدِّين الإسلامي صحيح كامل، لكن عندي تساؤلًا -ربما سببه الفهم الخاطئ للآيات-، ففي إحدى الآيات يقول تعالى: "قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون"، وقد سمعنا في الوقت الحديث عن جدية العلماء في تمثيل الجنس البشري خارج كوكب الأرض، فهم يودون الذهاب إلى المريخ، واستعماره من قبل البشر، فإن كان المقصود بالآية كوكب الأرض، فهل هذا يعني فشل الرحلة؟ وإن لم يكن كذلك، فما المقصود بالآية؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فتفسير الآية التي ذكرتها قد بينه ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسيره بقوله: وَقَوْلُهُ: قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ ـ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى {طه: 55} يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ يَجْعَلُ الْأَرْضَ دَارًا لِبَنِي آدَمَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، فِيهَا مَحْيَاهُمْ، وَفِيهَا مَمَاتُهُمْ وَقُبُورُهُمْ، وَمِنْهَا نُشُورُهُمْ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، الَّذِي يَجْمَعُ اللَّهُ فِيهِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَيُجَازِي كُلًّا بِعَمَلِهِ. انتهى.

ولا يلزم من كون حياة البشر على الأرض الحكم بفشل بعض الرحالات إلى كوكب المريخ، أو غيره من الكواكب، وإنما الاستقرار العام في عيش البشر يكون على كوكب الأرض، فقد ذكر الشيخ ابن عثيمين في الفوائد المستنبطة من قوله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {البقرة: 36} أنه لا يمكن العيش إلا في الأرض لبني آدم، قال: ويؤيد هذا قوله تعالى: فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون {الأعراف: 25}، وبناءً على ذلك نعلم أن محاولة الكفار أن يعيشوا في غير الأرض: إما في بعض الكواكب، أو في بعض المراكب محاولة يائسة؛ لأنه لا بد أن يكون مستقرهم الأرض. انتهى.

ولو قدر أن أشخاصًا محدودين تمكنوا من الإقامة في أحد الكواكب غير الأرض، فلا يغير ذلك من المسألة شيئًا؛ إذ الحكم للغالب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني