الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يجزئ في مسح الرأس وما لا يجزئ

السؤال

سؤالي عن كمية المياه الواجب استخدامها في مسح الرأس؟!
عندما كنت طالبة، كنت أتوضأ في المدرسة، وعند مسح الرأس أنشف يدي من الماء جزئيا، بحيث يبقى من الماء ما يبل يداي فقط، دون أن يقطر منهما، ثم أمسح به رأسي؛ كنت أخشى على شعري من البلل، وذلك لأن الماء يُذهِب السيشوار. - أستغفر الله -
هل هذا يجزئني؟
وهل تجب علي إعادة الصلوات، علما أنني لا أعلم عددها، وكنت أجهل الحكم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فليست هناك كمية محددة للمسح أو للوضوء، أو للطهارة عامة، والسنة في ذلك كله إحكامه مع قلة الماء.

جاء في مختصر خليل المالكي: وقلة الماء بلا حد.

وفي الرسالة: وقلة الماء مع إحكام الغسل سنة -أي مستحبة- والسرف منه غلو وبدعة. اهـ.
ومسح الرأس هو الفريضة الثالثة من فرائض الوضوء المجمع عليها؛ فإذا كنت متأكدة أن يديك بقي بهما بلل بعد ما ذكرت من تنشيفهما جزئيا، وكان ذلك من ماء جديد، فإن مسح الرأس بهما صحيح، ولست ملزمة بإيصال البلل إلى جميع شعر الرأس؛ لأن المطلوب هو المسح ببلل جديد دون تحديد لقدر هذا البلل، وأن يكون من ماء جديد، وليس من بقية ما غسل به بعض الأعضاء.

جاء في الأم للشافعي: وَلَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ بِفَضْلِ بَلَلِ وُضُوءِ يَدَيْهِ، أَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ بِبَلَلِ لِحْيَتِهِ، لَمْ يُجْزِهِ، وَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا مَاءٌ جَدِيدٌ. اهـ.

أما إذا كان قصدك بتنشيفهما مسح الماء عنهما حتى تيبسا، فإن المسح بهما من غير بلل بهما، لا يصح.

قال الباجي في المنتقى عند الكلام على كيفية مسح الرأس: وَلَا يُجْزِيهِ أَنْ يُمِرَّ يَدَيْهِ جَافَّتَيْنِ عَلَى بَلَلِ رَأْسِهِ. اهـ.

وبالتالي، لا تصح الصلاة به. وراجعي الفتوى رقم: 53696.
وفي حال عدم صحة الصلاة للجهل بالحكم؛ فقد اختلف أهل العلم في وجوب إعادتها، فذهب أكثرهم إلى وجوب الإعادة، وذهب بعضهم إلى أنه لا تلزم إعادة الصلوات التي كان الجاهل يصليها بدون شرط من شروطها، أو ركن من أركانها، وانظري الفتوى رقم: 19939.
وعلى هذا القول، لا تلزمك إعادة الصلوات التي كنت تصلينها بدون طهارة كاملة؛ لجهلك بالحكم، ولكن تلزمك التوبة من إثم التقصير في معرفة ما يجب عليك معرفته من أحكام الطهارة، والصلاة...

قال الأخضري في مقدمته: أَوَّلُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ: تَصْحِيحُ إِيمَانِهِ، ثُمَّ مَعْرِفَةُ مَا يُصْلِحُ بِهِ فَرْضَ عَيْنِهِ كَأَحْكَامِ الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَالصِّيَامِ. اهـ.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني