الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس في امتهان اسم الله والأذكار

السؤال

أفتوني في هذه المواقف:
حدث أن كانت أختي تتحدث عن أخطاء أختي الأخرى في سورة الفاتحة، فأختي تخطئ فيها، وتكرر الآيات بشكل معين، فجاءني ضحك، وحاولت كبته، وقمت بوضع يدي على شعري وشددته، حتى لا أبتسم، وأردت أن أخرج من الغرفة، وحينما أردت الخروج شعرت أن شفتي مالتا نحو التبسم، فهل كفرت -والعياذ بالله-؟ فأنا خائفة، وإذا وضعت قدمي بجانب أوارق فيها اسم الله، فهل أكفر -والعياذ بالله-؟ فغرفة والدي فيها أوراق كثيرة، مرصوصة فوق الكنب، وأردت أن أغلق المكيف، وأبعدت الكتاب الذي سوف أضع قدمي مكانه، دون أن أبعد الأورق التي بجانب الكتاب؛ لأني خجلت من أن يقول أبي: ما هذا؟ أنت متشددة، فوضعت قدمي بالقرب من الأورق دون أن أطأها، فهل فعلي كفر -والعياذ بالله-؟
إذا كانت لدي مجموعة من الكتب، فهل يجب أن أرتب وأضع الكتب الدينية فوق، والأخرى أسفل، مع العلم أنها كلها تحوي اسم الله، ولكن الدينية أكثر، وفيها آيات، وهل يجوز حينما أستذكر الدروس لأختي، أن أضع كتاب الفقه، أو التوحيد على الأرض، أم يجب أن أرفعه؟ وهل يجوز حين أجلس، أن أجعل ظهري جهة القبلة، حيث صرت أتجنب هذا الأمر لاحترام القبلة؟
رأيت امرأة في المطعم -عاملة- فأردت أن أحسن لها، وسلمت عليها، وابتسمت في وجهها، وسألتها عن حالها، ثم خشيت ألا تكون مسلمة، وخجلت أن أسألها، فهل هذا موالاة للكفار؟ وهل يجوز وضع الحقيبة عند القدم في السيارة، وفيها جوال أم إن هذا امتهان؛ لأن فيها قرآنًا وأذكارًا؟ وما حكم الأوراق التي تكون على الأرض، وأحيانًا تكون قصاصات صغيرة، وقد تحتوي على اسم الله؟ هل يجب أن أتجنب المشي بقربها، أو حتى أن أطأها؟
آسفة على الإطالة، فأنا لا يمر يوم إلا وأجدد فيه إسلامي أكثر من مرة، فأرجو منكم أن تفتوني -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهوّني على نفسك -أختنا الكريمة- ولا تتعبيها بالتكلف، والاشتغال بهذه الأوهام التي مصدرها الوسواس؛ فعليك أن تعرضي عنها، ولا تعيرها أي اهتمام؛ لأنها إذا تمكنت منك، أفسدت عليك دِينك ودنياك، وخوفك من الوقوع في التشدد، أوقعك في الوسواس الذي هو أشد خطرًا.

وأفضل علاج للوسواس هو الإعراض عنه بالكلية، وراجعي تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 136381.

وفيما يخص أسئلتك: فكلما ذكرت لا يعد كفرًا، ولا استهزاء بالدين، ولا حرج فيه -إن شاء الله تعالى-، وإنما هو من الوسواس؛ فغلبة الضحك، أو التبسم من خطأ أختك، ليس مبعثه الاستهزاء بما تقرأ، وإنما من خطئها، ومن ثم؛ فلا يعد كفرًا، وانظري الفتوى رقم: 137826 وهي بعنوان: ليس كل تبسم أو ضحك عند ذكر أمر شرعي، يعد استهزاء.

ومجرد السلام على المرأة الكافرة، أو رد السلام عليها، لا يعد من موالاة الكفار، والتبسم في وجه الكافر المسالم، والإحسان إليه، ومجاملته، لا حرج فيها، ولا تعد موالاة، ولا قدحًا في عقيدة البراء من الكافرين، وانظري الفتوى رقم: 183507.

ووضع كتب التوحيد والفقه على الأرض الطاهرة، لا بأس به، ولا حرج فيه؛ لأن هذا ليس فيه امتهان لها، وانظري الفتوى رقم: 307189.
ومجرد وضع القدم بجانب ما فيه اسم الله، لا يعد كفرًا، ولا حرج فيه ما دام الشخص لا يقصد الاستخفاف به.

وكذلك الجلوس مستدبرًا القبلة، ووضع الجوال الذي يحتوي على القرآن، والأذكار عند القدمين، والمشي بقرب الأوراق التي فيها مكتوب محترم، فكل ذلك لا حرج فيه؛ لأن التوجه إلى القبلة لا يجب على غير المصلي، والجوال ليس له حكم المصحف، ولا تنطبق عليه أحكامه، وإن اشتمل على قرآن مكتوب، أو مسجل، وانظري الفتوى رقم: 68917، والفتوى رقم: 336730.

وبما أنك حريصة على احترام الدين، وتعظيم حرمات الله تعالى، والخوف من الكفر، فإننا نؤكد عليك مرة أخرى بتجاهل هذه الأفكار؛ فهي مجرد أوهام؛ فلا تعيريها أي اهتمام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني