الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب الأخ مع أخته التي تدعوه إلى ما يغضب الله

السؤال

تزينت لي أختي ودعتني إلى ما يغضب الله، فتجاهلتها، وقد بدر ذلك منها مرتين ـ والحمد لله الذي نجاني ـ وهي تفعل ما تفعل من إيحاءات، وتزين، وملابس، ونظرات، فماذا يجب أن أفعل إذا اشتدت عليّ الشهوة، وفعلت ذلك مرة أخرى؟ وهل يجوز لي الاستمناء بيدي عقب الانصراف عنها؛ خشية الوقوع في الزنا؟ فالإيمان ينقص ويزيد، وأنا شاب، والفتن في المدينة كثيرة, حتى أختي وفي بيت أبي، فأنا ما زلت تحت رعاية أبي، وكذلك أختي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإننا لا نملك في البدء إلا أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنه حقًّا أمر عجيب، وطامة كبرى أن يحدث مثل هذا في بيت من بيوت المسلمين، ومن ذوي الرحم، بل ومن أخت مع أخيها، ولكنه الحياء إذا نزع فلا يستغرب أن يحصل هذا الفعل القبيح، والجرم الشنيع، وقد روى البخاري عن أبي مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة: إذا لم تستح فاصنع ما شئت.

قال المناوي في فيض القدير: فاصنع ما شئت ـ أمر بمعنى الخبر، أي: إذا لم تخش من العار عملت ما شئت، لم يردعك عن مواقعة المحرمات رادع، وسيكافئك الله على فعلك، ويجازيك على عدم مبالاتك بما حرمه عليك، وهذا توبيخ شديد... اهـ.

وهذا مؤشر لوجود شيء من الخلل في التربية بتفريط أختك في أمر تزكية النفس، أو تفريط الوالدين في القيام بالتعليم، وحسن التوجيه، والتفريط في هذا الجانب تفريط في مسؤولية عظيمة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}.

قال الشيخ السعدي في تفسيره: أولادكم ـ يا معشر الوالدين ـ عندكم ودائع، قد وصاكم الله عليهم؛ لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم، وتؤدبونهم، وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله، وملازمة التقوى على الدوام، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6} فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها، فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. اهـ.

ومن المهم جدًّا مراقبة الوالد لأولاده فيما يتعلق بمشاهدة الأفلام، والمسلسلات، والصور، واستخدام الإنترنت، وأن لا يجعل للأولاد الحبل على الغارب، فهذه الوسائل من أعظم أسباب الفتنة في هذا الزمان، ويجب عليك أن تبذل النصح لأختك، ففي الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن تميم الداري - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة.

وليكن ذلك برفق ولين، مخوفًا لها من عظيم عقاب الله في الدنيا والآخرة، فإن انتهت فالحمد لله، وإلا فهددها بفضح أمرها، وإخبار أبيك، عسى أن يكون ذلك زاجرًا لها، فإن أجدى ذلك نفعًا، فبها ونعمت، وإلا فأخبر أباك ليعالج الأمر بحكمة، فهذا مما لا يجوز السكوت عليه.

وإن لم تكن متزوجة فينبغي البحث عن سبيل لتزويجها، ولا حرج في البحث لها عن الأزواج، فقد فعل ذلك الأخيار، وانظر الفتوى رقم: 13770.

ومن جهتك أنت عليك بالحزم معها، فلو وجدت منك ذلك لم تتجرأ على أن تفعل عندك ما فعلت، بل وأن تكرر هذا الفعل.

ولو وجد الحزم لما دعاك داعي الشهوة إلى التفكير في الاستمناء، أو غيره، وكلام أهل العلم في الاستمناء عند الضرورة سبق لنا بيانه في الفتوى رقم: 130996، وما أحيل عليه فيها من فتوى.

ونحن لا ندعوك بهذا إلى الاستمناء، ونحسب أن عندك من الدين والفطرة السليمة ما يصرفك عن الزنا بأختك، أو بغيرها، وهنالك كثير من الوسائل التي يمكن أن تفلت بها من حبائل الشيطان، وقد ضمنا بعضها الفتوى رقم: 12928

وننصحك بالمبادرة للزواج ما أمكنك، فإن لم يتيسر فعليك بالصوم، وراجع الفتوى رقم: 5453.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني