الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

توجد شركة متخصصة في التمويل، تعمل بنظام المرابحة كما تعلن، وعلى قدر معلوماتي البسيطة، فقد استوفوا شروط المعاملة من ثبات الثمن، وشراء السلعة مباشرة (ليس عن طريق وكيل) من المالك الأول، قبل بيعها للآمر بالشراء، وعدم إلزام الآمر بالشراء بإتمام المعاملة مقدما، لكن السؤال في عقد شرائهم للسلعة من المالك الأول. فهو يحدث بالاتفاق مع المالك الأول في نفس الوقت تقريبا، مع الاتفاق على البيع منهم للآمر بالشراء (بالتحديد قبل قليل؛ لأنهم جميعا في نفس المجلس). لا تكون المعاملة نهائية للاثنين. فيكون اتفاقهم مع المالك الأول، معلقا على سدادهم الثمن له خلال أسبوعين، ولكن لا يحق للمالك الأول الرجوع في البيع خلال الأسبوعين. وأيضا يكون الاتفاق مع الآمر بالشراء غير ملزم، حتى يتم الآمر بالشراء المعاملة، ويدفع نسبة من السعر مقدما (ويمكن في حالات الاستغناء عن الدفعة المقدمة) ويقدم كل الضمانات الأخرى. فاذا أتم الآمر بالشراء المعاملة، أتموا هم أيضا عقدهم مع المالك الأول، واشتروها منه، وسددوا ثمنها له كاملا. ثم تنقل مباشرة إلى الملكية القانونية (على المستندات) إلى الآمر بالشراء، الذي أتم معاملته مسبقا.
أرجو الإفادة؛ لأنه يوجد شبه إجماع في البلاد على صلاح القائمين على هذه المؤسسة، ويكفي الجميع بأنهم أهل ثقة. ولكن بهذه التفاصيل خشيت أن يكون في الأمر تحايل على الشريعة، لإتمام ظاهرها فقط.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلو كنت أرسلت صورة من العقد، لكان ذلك أولى. وعلى كل، فإذا كانت الشركة تملك السلعة، فتدخل في عهدتها وضمانها، قبل بيعها للآمر بالشراء، فلا حرج في ذلك.

ومسألة الخيار بينها وبين البائع الأول: إن كان المقصود بها أنهم يشترطون لأنفسهم خيار الرد خلال أسبوعين، فهذا لا حرج فيه، ولا يؤثر في صحة المعاملة. وإذا باعوها، فذلك يقتضي إسقاط الخيار من قبلهم.

جاء في المغني لابن قدامة: وإن تصرف أحد المتبايعين في مدة الخيار في المبيع تصرفاً ينقل المبيع، كالبيع والهبة... ونحوها لم يصح تصرفه... إلا أن يكون الخيار للمشتري وحده، فينفذ تصرفه، ويبطل خياره؛ لأنه لا حق لغيره فيه، وثبوت الخيار لا يمنع تصرفه فيه؛ كالمعيب. انتهى.

وجاء في الإنصاف: فإن كان الخيار له وحده (أي المشتري) فالصحيح من المذهب نفوذ تصرفه. انتهى.

وأما مسألة حصول العقدين في زمن واحد، فيحتاج إيضاحا، أي العقد مع البائع الأول، والعقد مع الآمر بالشراء، فربما لم تضبط الصورة التي تتم بها المعاملة ضبطا كافيا، وهذه الجزئيات مؤثرة، وبالتالي فينبغي لك التأكد أولا من حقيقة ما يتم، وتنقل الشروط كما هي، والكيفية التي تتم بها المعاملة حقيقة لا افتراضا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني