الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تأخر الإمام عن المأموم في أركان الصلاة

السؤال

هل تبطل صلاة المأموم إذا بدأ الإمام قراءة الفاتحة قبل اعتداله قائما، أو قرأ آخر آية وهو يهوي للركوع؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا تبطل صلاة المأموم إذا بدأ الإمام قراءة الفاتحة في القيام قبل اعتداله ـ أي اعتدال الإمام ـ قائما، وعدم البطلان أحرى إذا كانت قراءة الإمام قبل اعتدال المأموم، جاء في مواهب الجليل للحطاب المالكي: إذَا ابْتَدَأَ الْمُصَلِّي بِالْفَاتِحَةِ قَبْلَ أَنْ يَعْتَدِلَ قَائِمًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدَ قَبْلَ السَّلَامِ إنْ كَانَ قَرَأَ فِي حَالِ قِيَامِهِ آيَةً وَنَحْوَهَا، وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِتَرْكِ آيَةٍ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، لِأَنَّهُ أَتَى بِالْفَاتِحَةِ كُلِّهَا، لَكِنَّهُ تَرَكَ الِاعْتِدَالَ فِي بَعْضِهَا، وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ إذَا صَلَّوْا فِي سَفِينَةٍ تَحْتَ سَقْفِهَا مُنْخَفِضَةً رُءُوسُهُمْ، قَالَ مَالِكٌ: صَلَاتُهُمْ أَفْذَاذًا عَلَى ظَهْرِهَا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ صَلَاتِهِمْ جَمَاعَةً مُنْخَفِضَةٌ رُءُوسُهُمْ، لِأَنَّهُمْ تَرَكُوا الِاعْتِدَالَ وَهُوَ سُنَّةٌ.

ولذلك، فالقراءة قبل الاعتدال مكروهة، وتكون الكراهة أشد إذا كانت في غير القيام، فقد نص أهل العلم على أن قراءة القرآن في الصلاة في غير القيام مكروهة، جاء في بلغة السالك للصاوي المالكي: وتكره القراءة بركوع أو سجود، إلا أن يقصد في السجود بها الدعاء. اهـ

وفي حاشية قليوبي وعميرة الشافعي: تكره القراءة في غير القيام في الصلاة إن قصد القراءة. اهـ

وإذا كان قصدك: تأخر المأموم في السجود أو الجلوس حتى يشرع الإمام في قراءة الفاتحة والمأموم مازال ساجدا أو جالسا، فإنه لا ينبغي للمأموم أن يتأخر عن متابعة إمامه إلى هذا الحد، وله أن يكتفي في سجوده بالطمأنينة الواجبة والأصح أنها تكون بمقدار قول: سبحان الله، مرة واحدة، لأن التأخر عن الإمام مخالف لما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من متابعته، قال ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: المتابعة: هي الحال الوحيدة ـ لا المسابقة ولا المساواة ولا التخلف ـ التي دلت السنة على الحث عليها والأمر بها، وهي أن يأتي الإنسان بأفعال الصلاة بعد إمامه بدون تأخر، وقد دل عليها قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا... والتخلف عن الإمام خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم مثل أن يتخلف عن الإمام فلا يبادر بمتابعته، فهذا خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: إذا كبر فكبروا ـ ومعلوم أن المشروط يتبع الشرط ويليه فليكن تكبيرك تلو تكبيرة الإمام، وركوعك تلو ركوع الإمام، وسجودك تلو سجود الإمام، وهكذا فلا تتخلف عنه.

والحاصل أن قراءة الفاتحة في القيام قبل الاعتدال فيه لا تبطل بها صلاة المأموم ولا الإمام، ولكنها مكروهة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني