الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدراسة في المكان غير المختلط أفضل وإن كانت أقل جودة

السؤال

أقيم حالياً في أمريكا، وأريد إكمال دراستي الثانوية، وقد قرأت في فتواكم أن الاختلاط لا يجوز، وهنا المدارس مختلطة. ولكن أعتقد أن الاختلاط محرم للطرفين، ولكني أرى بعض الناس، ومنهم المتدينون يسمحون لأبنائهم الذكور بالدراسة هناك، ويمنعون البنات، أو يجعلونهن يكملن الدراسة في المسجد، رغم أن المدرسة في المسجد تكون أقل جودة وفائدة، منها في المدارس.
هل ما يفعلونه صحيح؟
وأنا الآن أريد أكمل دراستي: هل دراستي في الثانوية أفضل، أو في المسجد؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الاختلاط الشائع في المدارس الغربية الآن، وما على شاكلتها، لا يقتصر خطره وشره على البنات، بل يعم الجنسين، فقد حرم الله على كليهما نظر الحرام، والمس المحرم، والكلام المحرم، كما قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ [النور:30-31]
وجاء في فتاوى نور على الدرب للعلامة الشيخ ابن عثيمين: الذي أرى أنه لا يجوز للإنسان رجلاً كان أو امرأة، أن يدرس في مدارس مختلطة؛ وذلك لما فيه من الخطر العظيم على عفته، ونزاهته، وأخلاقه، فإن الإنسان مهما كان من النزاهة والأخلاق والبراءة، إذا كان إلى جنبه في الكرسي الذي هو فيه امرأة، ولاسيما إذا كانت جميلة، ومتبرجة، لا يكاد يسلم من الفتنة والشر، وكل ما أدى إلى الفتنة والشر فإنه حرام، ولا يجوز، حتى وإن لم يجد إلا هذه الجامعة، فيترك الدراسة إلى بلد آخر ليس فيه هذا الاختلاط. اهـ.

وبناء عليه، فتلزم حماية الذكور من خطر الاختلاط، كما تلزم حماية الإناث منها.

قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (والمراهق كالبالغ في) حرمة (النظر) فيلزم الولي منعه منه ... لظهوره على العورات ... (ويمنعه الولي) وجوبا من النظر إليهن، كما يمنعه وجوبا من الزنا وسائر المحرمات. انتهى.

وقد أصاب من منع بناته من المدارس المختلطة، وألحقهن بمدرسة المسجد، فإن حفظ دين وعرض البنت، أهم من الفائدة التي تتوقع زيادتها في المدرسة المختلطة، ومن ترك لله شيئاً، عوّضه الله خيراً منه، كما في الحديث: إنك لن تدع شيئاً اتّقاءَ الله، إلا أعطاك الله خيراً منه. رواه الإمام أحمد.
وبناء عليه، فدراستك في المسجد وإن كانت أقل جودة، أفضل من المدرسة المختلطة؛ لما في ذلك من حماية الدين والعرض، وتحصيل العلم المقصود أيضا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني