الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخلافات الزوجية وأهم طرق علاجها

السؤال

كيف أصلح بين والدي ووالدتي، فهما كثيرا المشاكل مع بعضهما، فأبي كثير العصبية على كل شيء، وأمي تريد زوجا متفهما، وطلبت من أمي أن تدعو له في قيام الليل، ولكن لا فائدة، وأرى أن سبب المشاكل هو البعد عن الله والاستخفاف بالأحكام، مع العلم أنهما يصليان وملتزمان نوعا ما، وطلبت من أمي أن تصبر وأن هذا من الله... فهل من خطوات عملية وتأصيل للمشاكل الزوحية في ديننا؟ أم الدنيا دار بلاء وسنبقى هكذا، مع العلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يتفاهم مع زوجاته، ولنا فيه إسوة حسنة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن أهم ما يميز الإسلام أنه دين واقعي، فيعترف بوجود الخلافات في الحياة الزوجية، وأن ذلك أمر طبيعي قد لا تخلو منه أسرة، ولذا وضع السبل للحل فيما إذا نشزت الزوجة، أو نشز الزوج، وتجد ذلك مبينا بوضوح في الفتويين رقم: 1103، ورقم: 48969.

ومن أفضل ما يعين على الإصلاح بين والديك أمران مهمان ذكرتهما لأمك ـ وهما الصبر والدعاء ـ ففي الصبر خير كثير، وسبق بيان شيء من أدلة فضله وحسن عاقبته في الفتوى رقم: 18103.

فإن لم يوجد الصبر تفاقمت المشكلة بالتعامل بردود الأفعال، فإذا غضب أحدهما -مثلا- وسب الآخر رد عليه بالمثل، ولكن لننظر ما كان يفعل السلف إذا طرأ عليهم شيء من ذلك، ثبت في صحيح البخاري عن سهل بن سعد قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد عليا في البيت، فقال: أين ابن عمك؟ قالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني، فخرج فلم يقل عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان: انظر أين هو؟ فجاء فقال: يا رسول الله؛ هو في المسجد راقد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول: قم أبا تراب، قم أبا تراب.

جاء في فتح الباري: قال ابن بطال: وفيه أن أهل الفضل قد يقع بين الكبير منهم وبين زوجته ما طبع عليه البشر من الغضب، وقد يدعوه ذلك إلى الخروج من بيته ولا يعاب عليه، قلت: ويحتمل أن يكون سبب خروج علي خشية أن يبدو منه في حالة الغضب ما لا يليق بجناب فاطمة ـ رضي الله عنهما ـ فحسم مادة الكلام بذلك إلى أن تسكن فورة الغضب من كل منهما. اهـ.

وهذا فيما يتعلق بالصبر.

وأما الدعاء: فهو سلاح المؤمن الذي يحقق به مرغوبه ـ بإذن الله ـ وقد قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.

وكما أنك قد أرشدت أمك لأن تدعو ربها، فعليك أيضا أن تكثر من الدعاء بأن يصلح الله بينهما ويرزقهما رشدهما، وهنالك آداب إذا روعيت كان الدعاء أرجى للإجابة، وقد بيناها في الفتوى رقم: 119608.

وكون الدنيا دار ابتلاء لا يعني الاستسلام للقدر، ولم يأمر الشرع بذلك، بل العاقل يدافع القدر بالقدر، فيدفع قدر البلاء بقدر الدعاء، وبالأسباب المفيدة، وقد أوضحنا هذا المعنى في الفتوى رقم: 154397.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني