الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

قمت بإحالتي إلى فتوى لم أجد فيها جواباً لسؤالي، وكان سؤالي: قلتم في عدة فتاوى، أن محبة الكافر محبة طبعية، لسبب مثل صلة قرابة، أو منفعة يقدمها للمسلمين، جائزة.
فما حكم من رأى امرأة كافرة وأحبها؟ وهل يختلف الحكم إذا كانت عنده نية للزواج منها أم لا؟ حيث قرأت أن محبة الكافر على ثلاث مراتب، وكانت المرتبة الثانية هي محبته لشخصه، وهذا حرام. والمرتبة الثالثة: هي حبه لسبب، فأي مرتبة تكون المحبة التي ذكرتها في السؤال؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أكثر السائل من استشكال مسائل المحبة، وعلاقتها بأهل الكفر والبدعة، وهذا في الغالب بسبب الوسوسة، وإلا فقد سبق أن أجبناه بما يكفي لإيضاح أصل هذه المسألة! كما سبق أن نبهناه على خطأ القول بأن محبة الكافر لشخصه حرام، فراجع الفتوى رقم: 345121 وما أحيل عليه فيها من الفتويين: 131443، 178167 ففيهما معنى شرك المحبة، وحقيقة المحبة الشركية، والفرق بينها وبين المحبة الطبيعية. وهذا يكفي.
ولمزيد الضبط نقول على سبيل الإجمال: ضابط المودة المحرمة للكفار، هو تقديم محبتهم على محبة الله ورسوله، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 166883 وسؤالها.
وبذلك تعرف أن مجرد محبة امرأة كافرة ليس من موالاتها، ولا يحكم عليها بالحرمة لذاتها، بل ولا بالكراهة؛ لأن المرء قد يغلب على ذلك، ولا يقدر على دفعه، وإنما يكلف بضبط سلوكه، وحفظ نفسه، وتوجيه همه لما ينفعه. وإن كان الشخص قد تعاطى سببا محرما أفضى إلى حصول تلك المحبة، كمحرمات النظر والكلام، والخلوة ونحوها، فإنه يأثم بذلك. وعموما فإننا ننبه على أن المحبة الطبيعية أو الجبلية لأحد من أهل الكفر، وإن كانت لا تحرم لذاتها، إلا إنه يجب أن يصاحبها بغضه في الدين، والبراءة من كفره، وراجع في ذلك الفتويين: 128403، 36991.

وأما مسألة الزواج منها، فإن كانت كتابية عفيفة، فلا حرج في ذلك، وإن كان غيرها - من المسلمات - أولى؛ لأن الزواج منها تكتنفه كثير من المحاذير، وخاصة في زماننا، وقد ذكرنا بعضها بالفتويين: 5315، 124180. وراجع للفائدة، الفتوى رقم: 9360.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني