الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من اعتقد صحة تسمية مناسبات المشركين التي يحتفلون بها أعيادا

السؤال

هل يكفر من اعتقد صحة تسمية مناسبات المشركين التي يحتفلون بها، بناء على معتقدات باطلة. هل يكفر من اعتقد صحة تسميتها عيداً؛ لأني قرأت أنه يكفر؟
فأرجو الشرح هل معناه من اعتقد صحة معتقداتهم؟ وهل هذا ينطبق على أي عيد مبتدع لا يتعلق بمعتقدات باطلة، مثل ذكرى ميلاد فلان يقيمون له حفلة، ويعطوه هدايا، أو يوم المولد النبوي، أو رأس السنة الهجرية، وهل رأس السنة الميلادية متعلق بشيء باطل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالفرق بين اعتقاد صحة تسمية ذلك عيداً لمن يجعله عيدا، وبين اعتقاد صحة معتقداتهم، لا يخفى على أحد، فالثاني باطل، وأما الأول فصحيح وبدهي، وإلا فإننا جميعا نقول: أعياد المشركين، فنسميه عيدا، ولكن ننسبه للمشركين، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لكل قوم عيدا. رواه البخاري ومسلم. وكان صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت والأحد أكثر ما يصوم من الأيام، ويقول: إنهما يوما عيد للمشركين، فأنا أحب أن أخالفهم. رواه النسائي، وصححه ابن خزيمة والحاكم وغيرهما.

والمقصود أن صحة التسمية بالعيد، لا يتعلق بها اعتقاد للمضمون، حقا كان أو باطلا، وإنما يتعلق بها وصف الواقع.

قال ابن القيم في (إغاثة اللهفان): العيد: ما يعتاد مجيئه وقصده من مكان وزمان. فأما الزمان، فكقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "يوم عرفة ويوم النحر، وأيام منى، عيدنا أهل الإسلام". رواه أبو داود وغيره. وأما المكان، فكما روى أبو داود في سننه أن رجلا قال: "يا رسول الله، إنني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة، فقال: أبها وثن من أوثان المشركين، أو عيد من أعيادهم؟ قال: لا. قال: فأوف بنذرك" وكقوله: "لا تجعلوا قبري عيدا". والعيد: مأخوذ من المعاودة، والاعتياد، فإذا كان اسما للمكان، فهو المكان الذي يقصد الاجتماع فيه، وانتيابه للعبادة أو لغيرها، كما أن المسجد الحرام، ومنى، ومزدلفة، وعرفة، والمشاعر، جعلها الله تعالى عيدا للحنفاء، ومثابة، كما جعل أيام التعبد فيها عيدا. وكان للمشركين أعياد زمانية ومكانية، فلما جاء الله بالإسلام أبطلها، وعوض الحنفاء منها عيد الفطر، وعيد النحر، وأيام منى، كما عوضهم عن أعياد المشركين المكانية بالكعبة البيت الحرام، وعرفة، ومنى، والمشاعر. اهـ.

والمقصود أن الفرق ظاهرٌ بين مجرد اعتقاد صحة التسمية بالعيد، وبين اعتقاد صحة الباطل المرتبط به!

وهنا نطلب من السائل أن يرسل لنا ما قرأه عن كفر من اعتقد صحة تسميته عيداً !! فإنا نظن ذلك متوافقا مع ما عهدناه عنه من خلال أسئلته السابقة: حيث الوسوسة في مسائل الكفر، وتحميل الأمور ما لا تحتمل!

وأما السؤال الثاني فخلاصة جوابه: أن الاحتفال بالأعياد الشركية إن كان لها مدخل في باب الكفر، على تفصيل في ذلك، فإن الأعياد البدعية ليس لها في الكفر مدخل، وإنما الكلام فيها من مسائل الحلال والحرام، والطاعة والمعصية. وراجع للفائدة الفتويين: 284089، 119848.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني