الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من عجز عن إيصال الحقوق والديون لأصحابها

السؤال

سبق وأن طلبت من سيادتكم فتوى وتم الرد عليها بالرقم: 133240، في 15/03/2010 بخصوص مبالغ علي لشركتي محمول، ولم أستطيع السداد للشركة نظرا لوجود مفوض، وهذا الفوض ترك الشركة، وعليه استطعت عن طريق بعض المعارف في إحدى الشركتين أن أتوصل للحسابات لكي أقوم بالسداد إلا أنني علمت منهم أن هذا الدين تم إعدامه من قبل الشركة وأصبحت لا توجد أي مديونيات علي لهم وبناء على ما تم قمت بالتبرع بالمبلغ، أما الشركة الأخرى: فقد حاولت مع المفوض الحالي والشركة لكي أعرف مبلغ الدين تحديدا إلا أنني فشلت تماما ولم أجد أي تعاون من الاثنين، فهل التصرف الأول بالتبرع بالمبلغ صحيح أم خطأ؟ وماذا أفعل..؟ وبالنسبة للشركة الثانية: فقد حسبت المبلغ التقريبي وعزمت على التبرع به، فهل هذا جائز؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فخلاصة القول فيما سألت عنه هو أن الأصل دفع الحق إلى صاحبه ما أمكن ذلك، ما لم يسقطه ويبرئ المدين منه، فإن لم يمكن إيصاله إليه ولو بطرق غير مباشرة ولا هو أسقطه، فيمكن حينئذ التصدق به عنه للفقراء والمساكين عملا بما يستطاع، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، جاء في مطالب أولي النهى للرحيباني ناقلا عن ابن تيمية ـ رحمه الله ـ قوله: إذا كان بيد الإنسان غصوب أو عواري أو ودائع أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها، فالصواب أن يتصدق بها عنهم... وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية فدخل بيته ليأتي بالثمن فخرج فلم يجد البائع فجعل يطوف على المساكين ويتصدق عليهم بالثمن ويقول: اللهم عن رب الجارية.

وقال أيضا: والمال الذي لا نعرف مالكه يسقط عنا وجوب رده إليه، فيصرف في مصالح المسلمين، والصدقة من أعظم مصالح المسلمين، وهذا أصل عام في كل مال جهل مالكه بحيث يتعذر رده إليه؛ كالمغصوب والعواري والودائع تصرف في مصالح المسلمين على مذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم.

وكذلك الحال في الحق الذي جهلت مقداره ولم تستطع معرفته يقينا ولا سبيل الى ذلك، فتخرج ما يغلب على ظنك براءة ذمتك به، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16}.

لكن ينبه على أنه لا يكفي سؤال موظف أو اثنين في الشركة، فقد لا يهتمان بالأمر، بل يرجع للمسؤول المخول بالتصرف في مثل هذه الأمور وله الحق في الإبراء منها والتصرف فيها، وقد تجد عنده غايتك، وإذا لم تجد إليه سبيلا وفعلت ما يسعك فعله، فلا حرج عليك وفق ما ذكرناه سابقا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني