الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تأثم الزوجة بعدم رجوعها لزوجها المضيع لحقوقها؟

السؤال

سؤالي هو: أعيش مع أهل زوجي، ولدي طفلة، وحامل، ودائما ما تتحدث عني أم زوجي بسوء، فهي لا تحبني، وتتدخل في حياتي كلها بحيث لا أستطيع الخروج لحاجة، أو التنزه مع زوجي، طبعا إلا نادرا، وتستمر في الكلام بسوء، بحيث تكرهني في الخروج، وزوجي يخاف منها، ولا يعطيني حقي فهو ليس لديه عمل، وإن عمل فهو يعطي النقود لأمه، ولا يعطيني شيئا، وقد أعطاني مرتين مبلغا قليلا، ولا يصرفون علي شيئا، فقط طعامي أنا وابنتي عندهم، وحفاظات ابنتي أما احتياجاتنا الباقية من ملابس، وأغراض، فمن نقودي التي يعطيني إياها أهلي، بحيث أشعر أني في سجن، وأعمال المنزل كلها علي، وابنتها متزوجة، ولكنها دائما ساكنة معنا بسبب مشاكل مع زوجها، وتبقى لأشهر، ولا تريد منها أمها العمل أبدا في المنزل، وإذا طلبت منها العمل فتظل أم زوجي، تتحدث علي طول اليوم، وتقول إن ابنتها فقط تعمل، وتدعو علي دائما، وتطلب من زوجي ضربي، ولكنه لم يضربني، ومعاملتي بسوء في البداية عندما كنت أشكو له، يقول لي: تحملي، وبالفعل أتحمل وأبقى ساكتة وأستغفر، وطردتني مرتين من المنزل، ولكن لم أخرج؛ لأن زوجي يطلب مني البقاء، وعندما أطلب منه أن يبقى معي في الغرفة ليؤنسني لا يستجيب ويخرج دائما، وأنا أعاني من كلام أمه ودعواتها علي، ومن عدم اهتمام زوجي بهذا الأمر، وعلي القيام بأعمال المنزل من طبخ، وتنظيف، وغسل ملابس، وغسل صحون لأمه وأخواته، ولكن في آخر فترة تركت غسل ملابسهن، وحتى الطعام الذي آكله تمن علي به وتعبت جدا، وأعصابي دُمرت، مع العلم أن غرفتي صغيرة 2×4متر وليس فيها نافذة، وأبقى مختنقة دائما، وزوجي يعلم جيدا أني أحب أن أشم الهواء، وأرى الأشجار والزرع، ولا يخرجني وأنا حامل، ونفسيتي متعبة، وعلمت أنه مؤيد لكلام أمه، وأنا -والله أعلم- غير مقصرة في حق زوجي، إلا أني أصبحت لا أتحدث مع أمه؛ لأني لا أحتمل التحدث معها، وتجنبا للمشاكل؛ لأنهم يحسبون لكلامي ألف حساب، فبدأت أبقى صامتة أغلب الوقت، ولم أسلم حتى في سكوتي، وزوجي أصبح لا يريدني، ويأتي فقط ينام ويخرج من الصباح، ويحرمنا أنا وابنتي الجلوس معنا، والترفيه عنا على الأقل بوجوده، ومما دعت علي به أن يحدث لي مثل ما حدث مع ابنتها، وهي المشاكل مع زوجها وبقائها في بيت أهلها، يعني دعت على ابنها، ودعت علي بالمذلة، وأن يبتليني الله، وآخر أيام وجودي مع زوجي بالفعل كذب علي، وأخلف بموعد مهم لي، فكأنما طعنني في قلبي، ومع هذا لم يعتذر، وإنما زاد قسوة في الكلام معي، وأصبح حتى لا ينظر في وجهي، وأنا أقول له فقط انظر إلي، دعني أتفاهم معك. لماذا تدمر قلبي هكذا؟ وأنا أجهش في البكاء، ولا يهتم، فعلمت حينها أنه ليس لدي مكان في قلبه أو مع أهله، وعندما أوصلني لبيت أهلي، وبعد فترة أراد إرجاعي، كنت قد تحدثت مع أبي عن معاناتي، فطلب منه أبي أن يوفر لي سكنا خاصا؛ لأن أمه تؤذيني ولم يقبل، قائلا بأنه لا يترك أمه أبدا، وأنا والله بعثت إليه برسائل، وقلت له: إني لا أريد إبعادك عن أمك، ولا عن ابنتك، فهي تحب أباها بشدة، ولكنه أهملني جدا، وأريد العيش بهناء معه في مسكن خاص بنا، وأنا مع كل هذا أحبه، ولكنه تخلى عني بكل سهولة، وقال لي بأنه سيخرج من حياتي، وذهب وانقطع عني، واتصل بعد أسبوع على أبي مطالبا بأن أذهب إليه أنا، وإلا فسيوصل موضوعنا للمحكمة، وطلب الحديث معي، ولكني لم أستطع التحدث معه؛ لأني كنت مصدومة منه؛ لأنه بالفعل تغير وليس زوجي الذي أعرفه، وعندما أخبروه بأنها لا تستطيع التحدث معك، قال: إذن سأذهب غدا للمحكمة وأطلقها، وأتزوج غيرها، وإلى الآن مضى أسبوعان تقريبا لم يتصل، ولا أعرف هل طلقني أو هل تزوج؟ ولا يسأل حتى عن ابنته، وقال إنه سوف لن يرسل لي أي مصروف.
أعتذر بشدة عن الإطالة، لكن قلبي متقطع، ولا أملك سوى الاستغفار والدعاء، وقراءة سورة البقرة بأن يفرج الله علي، وعلى ابنتي وطفلي في بطني، وأستغفر الله إذا كنت قد أخطأت مع زوجي بشيء، أو أني لم أرجع معه؛ لأني والله لم أكن مستعدة للعودة لمعاناتي، خصوصا بعدما تخلى عني بكل سهولة، ولدي الكثير من الكلام، ولكن الوقت لا يكفي، وأحب أن أقول لكم بأني دائما إذا أغضب أمه، أطالبه بالذهاب والاعتذار لها، ودائما ما تخطئ هي معي، وأذهب للاعتذار تجنبا للمشاكل، ولكن كل هذا لم يُجْد نفعا، وكل اللوم يلقى علي، وتكذب علي. وإذا غضبت أنا مرة أثناء حديثها، وحاولت التجاوب معها، ولكن ليس بأسلوب شديد، يعتبروني غير متربية، وعلي أن أسمع الكلام السيئ والكذب علي، وأبقى ساكتة. والله تعالى أعلم بحالي، ومع كل هذا زوجي ابتعد عن الدين، فهو لا يقرأ القرآن أبدا، ولا يصلي السنن، وغير مهتم بأوقات الصلاة يصليها على مزاجه، وهذا يقطع قلبي، ودائما ما أنصحه وأتوسل إليه، وأقول له: أحب من زوجي أن يقودني للجنة، ولكن دون جدوى، وبدأ بمصاحبة رجال سيئين، ويكثر وجوده معهم، يعني لديهم علاقات ببنات -والعياذ بالله-وأنصحه بالابتعاد، ولكن أيضا دون جدوى.
سؤالي: هل علي إثم؛ لأني لم أصبر على العيش معه، أو لأني لم أرجع معه؛ لأني والله لا أريد غضب ربي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت، فلا إثم عليك -إن شاء الله- فيما فعلت من عدم الرجوع لزوجك، ومطالبته بمسكن مستقل، فمن حقك عليه أن يسكنك في مسكن مستقل، لا تتعرضين فيه لضرر، ومن حقك عليه أن ينفق عليك قدر كفايتك من الطعام والكسوة بالمعروف، وراجعي الفتوى رقم: 80603
والذي ننصحك به أن تتفاهمي مع زوجك، وتطالبيه بمعاشرتك بالمعروف، وإذا لم تتفاهما، فينبغي أن يتدخل حكم من أهله، وحكم من أهلك ليصلحا بينكما، أو يفرقا إن تعذر الإصلاح.
مع التنبيه إلى أنّ الطلاق ليس بالأمر الهين، فينبغي ألا يصار إليه إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح، وإذا استطاع الزوجان الإصلاح والمعاشرة بالمعروف، ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات، والتنازل عن بعض الحقوق، كان ذلك أولى من الفراق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني