الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التخلف عن صلاة الجمعة لبُعْد السكن

السؤال

هل يجوز لي أن أصلي صلاة الجمعة ظهرًا، علمًا أنني أعمل في حي صناعي خارج المدينة، ويبعد عن محل سكني الذي هو داخل المدينة ثلاثة كلم تقريبًا؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فيجب عليك -أخي السائل- السعي لصلاة الجمعة في المدينة، ولو كنت خارجها، إذا كانت المسافة التي بينك وبين الجامع الذي تصلي فيه، أقل من فرسخ، قال ابن قدامة في المغني: أَمَّا أَهْلُ الْمِصْرِ فَيَلْزَمُهُمْ كُلَّهُمْ الْجُمُعَةُ، بَعُدُوا أَوْ قَرُبُوا. قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا أَهْلُ الْمِصْرِ، فَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ شُهُودِهَا، سَمِعُوا النِّدَاءَ أَوْ لَمْ يَسْمَعُوا; وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَلَدَ الْوَاحِدَ بُنِيَ لِلْجُمُعَةِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، ... فَأَمَّا غَيْرُ أَهْلِ الْمِصْرِ، فَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَامِعِ فَرْسَخٌ فَمَا دُونَ، فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ، فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ. وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ ... اهـ.

والفرسخ ثلاثة أميال، أي: قرابة خمس كيلومترات، فاذهب -أخي السائل- إلى الجمعة؛ امتثالًا لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الجمعة: 9}.

قال السعدي في تفسيره: يأمر تعالى عباده المؤمنين بالحضور لصلاة الجمعة، والمبادرة إليها، من حين ينادى لها، والسعي إليها، والمراد بالسعي هنا: المبادرة إليها، والاهتمام لها، وجعلها أهم الأشغال .. وقوله: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} أي: اتركوا البيع إذا نودي للصلاة، وامضوا إليها، فإن {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} من اشتغالكم بالبيع، وتفويتكم الصلاة الفريضة، التي هي من آكد الفروض {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أن ما عند الله خير وأبقى، وأن من آثر الدنيا على الدين، فقد خسر الخسارة الحقيقية، من حيث ظن أنه يربح .. اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني