الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حمل المصحف في الجيب بنية أن يموت الشخص وهو معه

السؤال

ما حكم حمل القرآن الكريم من الحجم الصغير في الجيب، أينما ذهبت؛ لكي أموت، وهو في جيبي، فهل هذا من حسن الخاتمة، أم لا فائدة منه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيجوز حمل المصحف بالجيب، ولكن ينبغي المحافظة عليه، والتحرز من الجلوس عليه، ونحو ذلك، فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة، أنها سئلت السؤال التالي: أحدنا يحمل المصحف في جيبه، وربما دخل به الخلاء، فما حكم ذلك، أفيدونا؟

فأجابت: حمل المصحف بالجيب جائز، ولا يجوز أن يدخل الشخص الحمام ومعه مصحف، بل يجعل المصحف في مكان لائق به؛ تعظيمًا لكتاب الله، واحترامًا له، لكن إذا اضطر إلى الدخول به خوفًا من أن يسرق إذا تركه خارجًا، جاز له الدخول به للضرورة. انتهى.

وسئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- كما في لقاء الباب المفتوح: هل يجوز وضع المصحف في الجيب الذي عن يميني؟

فأجاب -رحمه الله-: يجوز للإنسان أن يضع المصحف في جيبه الذي على صدره، وفي جيبه الذي على جنبه، لكن إذا وضعه في جيبه الذي على جنبه، فيلاحظ عند الجلوس ألا يكون عند مقعدته، يعني: يجعله على فخذه. انتهى.

وراجع الفتوى رقم: 28709.

وأما حمل المصحف في الجيب أو غيره بنية أن تموت وهو معك، فلا نعلم لذلك دليلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نقلًا عن صحابته- رضوان الله عليهم- والظاهر أنه يدخل في تعليق المصحف لجلب نفع، أو دفع ضر، وهو غير مشروع، فقد قالت اللجنة الدائمة للإفتاء في فتاويها: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي نزل عليه القرآن، وهو بأحكامه أعرف، وبمنزلته أعلم أنه علق على نفسه، أو غيره تميمة من القرآن، أو غيره، أو اتخذه، أو آيات منه حجابًا يقيه الحسد، أو غيره من الشر، أو حمله، أو شيئًا منه في ملابسه، أو في متاعه على راحلته؛ لينال العصمة من شر الأعداء، أو الفوز والنصر عليهم، أو لييسر له الطريق، ويذهب عنه وعثاء السفر، أو غير ذلك من جلب نفع، أو دفع ضر، فلو كان مشروعًا لحرص عليه، وفعله، وبلغه أمته، وبينه لهم؛ عملًا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}، ولو فعل شيئًا من ذلك، أو بينه لأصحابه لنقلوه إلينا، ولعملوا به، فإنهم أحرص الأمة على البلاغ والبيان، وأحفظها للشريعة قولًا وعملًا، وأتبعها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لم يثبت شيء من ذلك عن أحد منهم، فدل ذلك على أن حمل المصحف، أو وضعه في السيارة، أو متاع البيت، أو خزينة المال لمجرد دفع الحسد، أو الحفظ، أو غيرهما من جلب نفع، أو دفع ضر، لا يجوز. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني