الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى الآية: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة

السؤال

هل فسر أحد من العلماء الآية: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة.. بأن معناها أن الرجل الزاني يتزوج عادة من امرأة زانية مثله: أي أنه هكذا جرت العادة؟ وهل معناه أن الزاني يتزوج امرأة زنت من قبل حتى وإن لم يكن يعلم عند الزواج أنها زنت من قبل.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمعنى الأول الذي ذكرته في الآية قد ذكره الألوسي في تفسيره روح المعاني، حيث قال رحمه الله: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ـ تقبيح لأمر الزاني أشد تقبيح ببيان أنه بعد أن رضي بالزنا لا يليق به أن ينكح العفيفة المؤمنة فبينهما كما بين سهيل والثريا، فترى هذه شامية إذا ما استقلت وترى ذاك إذا ما استقل يمانيا، وإنما يليق به أن ينكح زانية هي في ذلك طبقه ليوافق ـ كما قيل ـ شن طبقه أو مشركة هي أسوأ منه حالا وأقبح أفعالا، فلا ينكح خبر مراد منه لا يليق به أن ينكح كما تقول: السلطان لا يكذب أي لا يليق به أن يكذب، نزل فيه عدم لياقة الفعل منزلة عدمه، وهو كثير في الكلام ثم المراد اللياقة وعدم اللياقة من حيث الزنا فيكون فيه من تقبيح الزنا ما فيه... وعلى هذا الطرز؟ قوله تعالى: وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ـ أي الزانية بعد أن رضيت بالزنا فولغ فيها كلب شهوة الزاني لا يليق أن ينكحها من حيث إنها كذلك إلا من هو مثلها وهو الزاني أو من هو أسوأ حالا منها وهو المشرك، وأما المسلم العفيف: فإن غيرته تأبى ورود جفرتها. انتهى بتصرف يسير.

وراجع تفسير الآية في الفتويين رقم: 5662، ورقم: 99942.

وأما المعنى الثاني الذي ذكرته: فلم نجد أحدا من أهل العلم فسر به الآية، وهو غير لازم، أي لا يلزم أن يتزوج الزاني امرأة قد زنت، خصوصا إذا تاب هذا الزاني من زناه، وأما من لم يتب فيخشى على زوجته ـ وإن كانت عفيفة عندما تزوجها ـ أن تزني بسبب ما تعلم من إصرار زوجها على الزنا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى: فَلَا يَكَادُ يُعْرَفُ فِي نِسَاءِ الرِّجَالِ الزُّنَاةِ الْمُصِرِّينَ عَلَى الزِّنَا الَّذِينَ لَمْ يَتُوبُوا مِنْهُ امْرَأَةٌ سَلِيمَةٌ سَلَامَةً تَامَّةً، وَطَبْعُ الْمَرْأَةِ يَدْعُو إلَى الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ إذَا رَأَتْ زَوْجَهَا يَذْهَبُ إلَى النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: بَرُّوا آبَاءَكُمْ تَبَرَّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ، وَعِفُّوا تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ. انتهى.

وراجع الفتوى رقم: 164967.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني