الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إقامة الرجل علاقة مع متزوجة وزواجه منها بعد طلاقها

السؤال

أنا على علاقة ارتباط مع بنت منذ فترة طويلة، وتقدمت لخطبتها، لكن والدتها ادعت أنها مخطوبة، وهي ليست كذلك، لكني كنت لا أعلم ذلك؛ فتأثرت بشكل شديد، لدرجة أني تركتها، وقلت في نفسي إنها لا تصلح لي بسبب هذا الأمر، إنها أخفت علي أمر الخطوبة هذه، رغم أني متعلق بها تعلقا شديدا، وهي أيضاً مثلي تماماً، لكنها عندما ابتعدت أنا -وكنت أتألم كثيراً من فعلتي هذه، وأنا لا أدري بالحقيقة، وكانت والدتها فعلت هذا لأنه يوجد شخص تريد أن تزوجه ابنتها،- ومع كثرة الإلحاح على البنت في أمر الزواج من هذا الشخص، وافقت البنت على الخطبة، وقلبها متعلق بي، وحدث أن تزوجت منه، وهي الآن لا ترى السعادة في حياتها، ولا تقدر على العيش معه، ويصاحبها تعب نفسي وجسدي، لا تريد أن تكمل حياتها معه، ولا تقدر على القيام معه بالعلاقة الزوجية الحميمة، فإما أن يحدث وتتقيأ، وإما أن ترفض لشعورها بالتعب وعدم الرغبة في ذلك، وإما أن يحدث وتنزف دما. ولا ترى مكانها في بيت زوجها، كل ما تراه هو أنا، وبالنسبة للزوج فهو يعاملها كأي زوج عادي، لكنه بدأ يختنق من هذه العيشة، وهذا الأسلوب، وليس بإرادتها أن تفعل عكس ذلك، وبالنسبة لي فلا يمر علي يوم إلا وأتذكرها فيه، وقد فهمت الأمر لماذا فعلت والدتها هذا، وكنت أظن أنها هي التي تخدعني، وهذا كان غير صحيح، الآن ألوم نفسي كثيرا، وهي أيضا تلوم نفسها، ولا تقدر على العيش مع زوجها.
أدعو الله في صلاتي أن يجمعني بها في الحلال، وأن أتزوجها حتى وإن كانت مطلقة، ويكون هذا أول زواج لي، لا أريد أن يطلقها زوجها لأجلي، ولكن لأنها لا تريده ولا تقدر، ولا تتحمل العيش معه، رغم أنه مثل أي زوج آخر، أنا أحبها كثيراً، وأتمنى لها الخير، وأتمنى أن تكون سعيدة في حياتها.
أدعو الله أن يحدث وتكون لي، ليس لإرضاء شهوتي الجنسية، ولكني أريد أن أكمل حياتي معها في طاعة الله ورسوله، وتكون زوجتي، وأما لأولادي في المستقبل القريب بإذن الله.
السؤال هو: هل يجوز أن تطلب الطلاق من زوجها؛ لعدم الشعور معه بالراحة؟
وهل يجوز إن حدث وطلقها زوجها أن أتقدم لزواجها؟
إن لم يجز هذا فمتى يكون الطلاق، والزواج منها جائز؟
أرجو الإفادة.
وشكرا جزيلا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك أولا اجتناب هذه الفتاة تماما، وإن كنت على تواصل معها بأي وسيلة كانت، فاقطع هذا التواصل إذا أردت السلامة لدينك وعرضك، فهي من جهة أجنبية عنك، ومن جهة أخرى فهي تحت زوج، وهذا مما يعظم به الإثم. ومما يظهر أنك على تواصل معها وصفك الدقيق لحالها مع زوجها بما في ذلك أمور الفراش، وهذا من أسرار الحياة الزوجية التي لا يجوز لها نشرها، ثبت في صحيح مسلم أن أبا سعيد الخدري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها».

قال المناوي في فيض القدير: أي يبث ما حقه أن يكتم من الجماع ومقدماته، ولواحقه، فيحرم إفشاء ما يجري بين الزوجين من الاستمتاع، ووصف تفاصيل ذلك بقول أو فعل... والظاهر أن المرأة كالرجل، فيحرم عليها إفشاء سره. اهـ.

وإذا كانت متضررة من بقائها مع زوجها، فلها الحق في طلب الطلاق، وانظر الفتوى رقم: 37112، ففيها بيان مسوغات طلب الطلاق، ولكن يجب عليك أن تكون على حذر من التسبب في التفريق بينها وبين زوجها، ولو بما ذكرت من أمر الدعاء بأن تكون لك زوجة، فهذا نوع من الاعتداء في الدعاء، كما بينا في الفتوى رقم: 75749.

ولو قدر أن طلقها زوجها، فلا حرج عليك في الزواج منها بعد انقضاء عدتها منه. ولكن مما ينبغي أن يعلم هو أن الإنسان لا يدري أين الخير، فما يدريك أن يكون في زواجك منها خير، فخير لك أن تتوجه إلى ربك، وتسأله أن يوفقك إلى امرأة صالحة، فهو أعلم بخبايا النفوس وعواقب الأمور، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، فالنساء كثير، وابحث مستعينا بالله عز وجل ثم بالثقات من الناس.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني