الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام من صلى وببدنه أو ثوبه نجاسة

السؤال

عندي شك أن في عورتي دم، حيث شككت بأنني جلست على شيء جرحني، ولم أتيقن وخرج مقدار إصبع طفل من الدم، وأشك هل هو دم أم غائط، ولكنني قلت بأنه ليس بغائط، وكذلك أعتقد بأنه غائط... وأريد إعادة قضاء ثلاثة أيام، فهل أعيدها ؟ علما بأنني لم أترك الصلاة، بل صليتها في المنزل وأكثرها في المسجد، فهل يجب علي القضاء أم التوبة، وهل أعيدها بالترتيب، حيث أصلي الظهر في المسجد وأنوي أن أصلي معهم الصلاة الحاضرة، ثم أسلم معهم، وأصلي مع جماعة فاتتهم الصلاة معنا الظهر؟ وهل أبدأ بقضاء يوم الجمعة أم يوم السبت أم الأحد بالترتيب؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعبارات السؤال مضطربة، فقوله: وأشك هل هو دم أم غائط، ولكنني قلت بأنه ليس بغائط، وكذلك أعتقد بأنه غائط ـ فهذا الكلام غير مستقيم، لأن اعتقاده بأنه غائط يلزم منه أن يقول بأنه غائط فعلا، فلعل صاحب السؤال مصاب بشيء من الوسوسة، وعلى ذلك فنحن نحذره من الوقوع في هذا الداء الخطير، وننصحه بالإعراض عنه، وعدم الالتفات إليه، فإن الاسترسال مع الوساوس يفضي إلى شر عظيم، وانظر الفتوى رقم: 51601.

وفي الجواب عن سؤاله نقول له: إن كان على يقين أن الشيء المذكور غائط ـ ولو كان قليلا ـ وصلى به وهو عالم به وذاكر له حال الصلاة، فإن صلاته باطلة وتلزمه إعادتها، وعليه التوبة من تعمد الصلاة بالنجاسة، سواء كان صلاها في المنزل أو المسجد أو في غيرهما، فالغائط نجس ولا يعفى عن شيء منه ولو كان قليلا عند أكثر أهل العلم، جاء في أسهل المدارك في الفقه المالكي: ويُعفى عن يسير ما عدا الأخبثين.

يعني أن البول والغائط لا يعفى عن شيء منهما، وطهارة البدن والثوب والمكان شرط في صحة الصلاة عند الذكر والقدرة على تطهيرها عند الجمهور.

أما إذا كان صلى بها ناسيا ولم يتذكرها إلا بعد الصلاة، فإن صلاته صحيحة، ولا إعادة عليه على الأصح من قولي العلماء، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: فَلَوْ صَلَّى وَبِبَدَنِهِ أَوْ ثِيَابِهِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ.

وذهب المالكية ـ مع صحتها عندهم ـ إلى استحباب الإعادة في الوقت، جاء في أسهل المدارك: وإن صلى بها ناسيا أو عاجزا أعاد في الوقت استحبابا، قال الأخضري: وَكُلُّ إِعَادَةٍ فِي الْوَقْتِ فَهِيَ فَضِيلَةٌ.

وكذلك إذا كان الشيء المذكور دما قليلا دون الدرهم، فإن صلاته صحيحة أيضا ولا إعادة عليه، جاء في مختصر خليل المالكي: وعفي عما يعسر.. وذكر منه: ودون درهم من دم مطلقا، وقيح وصديد..

هذا؛ وننبه السائل الكريم إلى أنه إن كانت النجاسة يسيرة وشق عليه تطهيرها، فالذي نرى له ولأمثاله ممن يخشى عليهم الوقوع في الوسواس أنه يسعه الأخذ بقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وهو العفو عن يسير النجاسات مطلقا، وهو ما رجحه الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ في الشرح الممتع، وفي حال وجوب إعادة الصلوات، فإن عليه المبادرة بإعادتها على الترتيب، وعلى الفور حسب الاستطاعة في أي ساعة من ليل أو نهار، ولا ينتظر بها الجماعة ولا الجمعة.. وليبدأ بأول الصلاة فواتاً، ثم التي تليها.. جاء في منح الجليل في الفقه المالكي: والمعتمد أن ترتيب الفوائت في أنفسها واجب غير شرط. وانظر الفتوى رقم: 96811.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني