الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجمع بين حديثي: "إنما الطاعة في المعروف" و"تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك.."

السؤال

كيف نجمع بين حديث: "إنما الطاعة في المعروف"، وحديث: "تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك، فاسمع وأطع"؟ فهل الحديث الثاني خاص بالأئمة الذين لا يهتدون بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يستنون بسنته، والذين سيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في أجساد بشر؟ أم هو عام؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمقصود بالحديث الثاني وجوب طاعة ولي الأمر في المعروف، ولو كان ظالمًا، وليس المقصود به أن تطيعه ولو أمرك بمعصية، بل لا تجوز طاعته حينئذ.

وعلى هذا؛ فيكون معنى الحديث غير مخالف للحديث الأول: إنما الطاعة في المعروف.

جاء في شرح الأربعين النووية للشيخ ابن عثيمين عند حديث العرباض بن سارية ـ رضي الله عنه ـ والذي فيه قال صلى الله عليه وسلم: أُوْصِيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عز وجل، وَالسَّمعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ ـ الحديث، قال الشيخ -رحمه الله-: وظاهر الحديث وجوب السمع والطاعة لولي الأمر، وإن كان يعصي الله عزّ وجل، إذا لم يأمرك بمعصية الله عزّ وجل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اسمَع وَأَطِع، وَإِن ضَرَبَ ظَهرَكَ، وَأَخَذَ مَالَكَ ـ وضرب الظهر، وأخذ المال بلا سبب شرعي، معصية لا شك، فلا يقول الإنسان لولي الأمر: أنا لا أطيعك حتى تطيع ربك، فهذا حرام، بل يجب أن يطيعه، وإن لم يطع ربه، أما لو أمر بالمعصية، فلا سمع، ولا طاعة؛ لأن رب ولي الأمر ورب الرعية، واحد عزّ وجل، فكلهم يجب أن يخضعوا له عزّ وجل، فإذا أمرنا بمعصية الله قلنا: لا سمع، ولا طاعة. انتهى.

فتبين مما سبق أن طاعة ولي الأمر تختص بما أمر به من معروف، وأن هذه الطاعة تعم ولي الأمر العادل، والجائر من المسلمين، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 195253.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني