الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من اتفق مع صاحب عمل لجلب زبائن لقاء نسبة ففسخ صاحب العمل الاتفاق

السؤال

شخص تشارك مع آخر على أن يكون له نسبة من الربح دون أن يدفع مالا، في مقابل أن يعمل هو لجذب الزبائن، فاشترط على صاحب الشركة تسجيل نسبته عند الجهات الرسمية.
ثمّ أراد صاحب العمل أن ينهي الشراكة، فلم يقبل أن يخرج إلا باتّفاق على مبلغ ماليّ يدفعه له صاحب الشركة.
السؤال: هل يجوز ألا يدفع له صاحب الشركة ما اتّفقا عليه عند إخراجه من الشركة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فاتفاق شخص مع آخر على مال يدفعه له مقابل الترويج للسلعة وإحضار الزبائن هذا في حقيقته أقرب إلى عقد جعالة، والجعالة يعرفها العلماء بأنها: تَسْمِيَةُ مَالٍ مَعْلُومٍ لِمَنْ يَعْمَل لِلْجَاعِل عَمَلاً مُبَاحًا وَلَوْ كَانَ مَجْهُولاً، أَوْ لِمَنْ يَعْمَل لَهُ مُدَّةً وَلَوْ كَانَتْ مَجْهُولَةً. اهـ من الموسوعة الفقهية.

ولم تذكر لنا -أخي السائل- هل النسبة التي ذكرتها معلومة أم مجهولة، وقد بينا في الفتوى رقم: 150987 أن الجُعلَ في الجعالة لا بد أن يكون معلوما، وأنه لو كان مجهولا لكانت الجعالة فاسدة، وللعامل أجرة المثل.

وقد يكون العقد عقد إجارة وليس عقد جعالة، بمعنى أن صاحب السلعة أجر الشخص على عمل لمدة، وهو ترويج تلك السلعة، ومن شرط صحة عقد الإجارة أن تكون الأجرة معلومة؛ لما أخرجه أحمد من حديث أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره. اهـــ .

وسواء كان العقد جعالة أم إجارة فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 266782 أن كون أجرة الدلال نسبةً وليست مالا معلوما هذا لا يصح في قول جمهور أهل العلم .

وأما مطالبة العامل بالأجرة إذا أراد صاحب العمل إنهاء العقد بينهما، فهذا ينبني على كون العقد لازما أم لا؟ فإن استأجره على العمل في مدة معلومة، فإن العقد لازم في تلك المدة، فإذا أراد صاحب العمل إنهاء العقد لزمه أن يدفع للعامل أجرته عن المدة المعقود عليها، جاء في الإنصاف: وَالْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ. لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهَا، وَإِنْ بَدَا لَهُ قَبْلَ تَقَضِّي الْمُدَّةِ، فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ ... اهـ .

وإن كان الأمر من باب الجعالة فإن المجاعلة عقد جائز غير لازم، ولكل منهما الفسخ متى ما أرادا، لكن إن تراجع المجاعل بعد شروع العامل في العمل فيلزم المجاعل للعامل أجرة المثل، جاء في مطالب أولي النهى ما يلي: (وبعد شروع عامل) في العمل (إن فسخ جاعل فعليه) لعامل (أجرة) مثل (عمله) لأنه عمل بعوض لم يسلم له، فكان له أجرة عمله، وما عمله بعد الفسخ لا أجرة له عليه، لأنه عمل غير مأذون فيه. انتهى.

وعند النزاع يرفع الأمر للمحكمة الشرعية.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني