الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل هناك شروط لصحة رجعة المرأة لزوجها بعد انقضاء العدة؟

السؤال

تزوجت ابنتي قبل 5 سنوات، وبعد 6 أشهر تقريبًا على زواجها، تبين لي أن هناك خلافات كبيرة بينها وبين وزوجها، وأنهما في شجار دائم، وأصبحت لا تطيقه، ولا تريد أن تكمل معه؛ بسبب سوء معاملته لها، فتحدثت مع أخيه الأكبر، واتفقنا على أن آخذ ابنتي لبيتي؛ لأعطيها فرصة للهدوء والتفكير، خاصة أنها كانت حاملًا في الشهر السادس، وأن يتحدث هو مع أخيه؛ لنفهم سبب المشاكل، ثم بعد ذلك حاولنا -أنا وأخوه- كثيرًا لمدة سنة كاملة أن نقرب بينهما، ويتصالحا، لكن الأمور كانت تزداد سوءًا بينهما بسبب إصرار زوجها على تمسكه برأيه، وعناده في الأمور التي كانت سببًا في طلب ابنتي ترك بيتها، كما أن ابنتي لم تكن مطمئنة له، وأصبحت لا تثق به، وقد لاحظت أنا خلال تلك المدة أنه لم يكن صادقًا معي، ولم تكن معاملته لي جيدة، وليس فيها احترام، ومع ذلك صبرت قدر المستطاع على أمل أن يهديه الله، وترجع ابنتي، ولكن دون فائدة. فاتفقت مع أخيه، وبتفاهمٍ مع زوجها أولًا على أنه ما دامت الحياة بينهما مستحيلة، فليطلقها، ولا يتركها معلّقة؛ لأنها كانت ما تزال في بيتي لفترة طويلة بعدما أنجبت طفلتها، فبدأ يعدنا بأنه سيذهب للمحكمة، ويطلّقها، ثم يعود ويطلب فرصة أخرى للتفاهم مع زوجته؛ فأوافق، لكنهما كانا يتشاجران، وتسوء الأمور بينهما أكثر، فعانيت وابنتي ووالدتها من تكرار كذبه علينا، والمماطلة لأكثر من 4 أشهر في موضوع الطلاق، فكلّمت أخاه الأكبر، ووعدني بأنه سينهي الموضوع، وفعلًا ذهب زوجها للمحكمة وطلّقها، وصدر صك الطلاق (طلقة واحدة (الطلقة الأولى)) بعد مرور سنتين من عقد النكاح، وسنة ونصف من دخوله عليها، وظلّت الطفلة مع ابنتي، ثم انتهت عدة ابنتي ولم يراجعها زوجها أبدًا، مع أنه كان يأتي كل شهرين تقريبًا من الرياض إلى جدة لزيارة ابنته، والآن وبعد مرور 3 سنوات تقريبًا على صدور صك الطلاق (صدر في رمضان 1435 هـ) اتصل زوجها بزوجتي، وطلب الرجوع لزوجته إن أمكن، كما اتصل أخوه الأكبر بي، وأبلغني أن أخاه (زوج ابنتي) راجع نفسه، ويريد الرجوع لزوجته، وأنه أحس بعد كل هذه المدة بأنه كان مخطئًا، وضخّم المشاكل بينهما، فهل يجوز لابنتي إذا حلّت المشاكل بينهما الرجوع له؟ وما هي شروط رجعتها له؟ علمًا أنها بقيت طول هذه المدة في بيتي، ولم يتقدم أحد لخطبتها، وعمر طفلتها الآن 3 سنوات ونصف، ولابنتي مؤخر صداق مثبت في صك الطلاق أنه سيدفعه لها، لكنا لم نأخذه حتى الآن؛ لأنه عاد وقال: إنه لم يكن السبب في الطلاق، وأن ابنتي هي التي رفضت الرجوع إليه، فقلت له: إنك أنت من عاملتها بشكل سيئ، وتمسكت برأيك وعنادك، ورفضت كل محاولات الصلح بينكما، ولم تعامل ابنتي بما يرضي الله، فكيف تريدها أن تعيش معك مكرهة أو ذليلة؟!
إضافة إلى أنه هو وأخوه تعهدا عدة مرات قبل الطلاق من تلقاء أنفسهما، ودون أن أطلب منهما، أنهما سيعطيان ابنتي كل حقوقها المسجلة في عقد النكاح.
وأنا أستشيركم في موضوع المؤخر: هل ما زال من حق ابنتي لو كان رجوعها لزوجها ممكنًا؟ وكذلك هو لم يعطنا شبكتها (طقم ذهب) التي أهداها إياها عند الزواج، وظلّت مع زوجها بعد الطلاق. أفيدوني -أثابكم الله وحفظكم-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كانت ابنتك راضية بالرجوع إلى هذا الرجل، فلا مانع من ذلك، وليست هناك شروط مخصوصة للرجعة، سوى شروط وأركان الزواج المعلومة، وحيث رجي صلاح أمرهما، واستقامة الحال بينهما، فهذا أولى وأفضل، وفيه من المصالح ما لا يخفى، لا سيما مصلحة ابنتهما في إقامتها مع أبويها.

ولا يجوز لك أن تمنع بنتك من الرجوع إلى هذا الرجل، ما دامت راغبة فيه، قال تعالى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:232}.

قال ابن كثير -رحمه الله-: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ، فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَأَنْ يُرَاجِعَهَا، وَتُرِيدَ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ، فَيَمْنَعُهَا أَوْلِيَاؤُهَا مِنْ ذَلِكَ، فَنَهَى اللَّهُ أَنْ يَمْنَعُوهَا. تفسير ابن كثير.

وأمّا بخصوص مؤخر الصداق والذهب -أو ما يسمى بالشبكة-، فإن كان هذا الرجل قد طلّق ابنتك من غير أن يشترط عليها إسقاط شيء من حقوقها، فلها جميع ما سموه مهرًا -مقدمه ومؤخره-، سواء كان نقدا أم ذهبًا أم غيره، إلا أن ترضى ابنتك بإبرائه من شيء من ذلك بطيب نفس، فلا حرج في ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني