الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب الإيمان بإحاطة الله بالناس والعوالم كلها

السؤال

عندي سؤال يتعلق بإحاطة الله وعلوه: هل يعد عدم الإيمان بإحاطة الله من جميع جوانب الكون، إحاطة ذاتية، أي أن الكون في قبضته، وأي جهة توجهنا إليها حتى لو اخترقنا الأرض وصعدنا من الناحية الأخرى، لنجد السماء، فنثبت العلو من الجانب الآخر أيضا.
هل يعد هذا طعنا في إيمان المؤمن بالله، أم لأن هذه صفة فعل، إذا أراد الله أحاط بالكون من كل جهة بقبضته، وإن لم يشأ كان عاليا من بعض الجوانب مع إثبات العلو، وفي هذه الحالة يعد هذا الأمر ليس من ضرورات الدين، أي معرفة إحاطة الذات بالكون؛ لأن هناك شيخا قال لي إحاطة الله الذاتية صفة ذات، ولا يجوز ألا يكون محيطا من كل جانب للكون: فأينما توجهنا فثم الله، حتى لو هبطنا من الناحية الأخرى للأرض؛ لإحاطة الله؟
فأرجو التوضيح.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على المؤمن أن يعتقد أن الله عال على خلقه، وأنه محيط بمخلوقاته كلها إحاطة تليق بجلاله سبحانه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وَاَللَّهُ تَعَالَى مُحِيطٌ بِالْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا، إحَاطَةً تَلِيقُ بِجَلَالِهِ، فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرْضَ فِي يَدِهِ أَصْغَرُ مِنْ الْحِمَّصَةِ فِي يَدِ أَحَدِنَا. انتهى.
وقال ابن القيم -رحمه الله- في طريق الهجرتين، في كلامه على اسمه الظاهر والباطن: وباب هذه المعرفة والتعبد، هو معرفة إحاطة الرب سبحانه بالعالم، وعظمته، وأن العوالم كلها في قبضته، وأن السموات السبع، والأرضين السبع، في يده كخردلة في يد العبد. قال تعالى: وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس. وقال: والله من ورآئهم محيط. ولهذا يقرن سبحانه بين هذين الاسمين الدالين على هذين المعنيين: اسم العلو الدال على أنه الظاهر، وأنه لا شيء فوقه، واسم العظمة الدال على الإحاطة، وأنه لا شيء دونه، كما قال تعالى: وهو العلي العظيم. وقال تعالى: وهو العلي الكبير. وقال: ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم. وهو تبارك وتعالى كما أنه العالي على خلقه بذاته، فليس فوقه شيء، فهو الباطن بذاته، فليس دونه شيء، بل ظهر على كل شيء فكان فوقه، وبطن فكان أقرب إلى كل شيء من نفسه، وهو محيط به حيث لا يحيط الشيء بنفسه، وكل شيء في قبضته، وليس شيء في قبضة نفسه ... انتهى.
وأما ما ذكرته من إشكال حول التوفيق بين علو الله، وإحاطته، وكون الأرض كروية، فقد تكلمنا على ذلك في الفتوى رقم: 173579، والفتوى رقم: 132417. فراجعهما.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني