الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجها لا يعاشرها بالمعروف ويتناول الحشيش

السؤال

أنا فتاة متزوجة منذ سنة ونصف، ورزقت بابنة عمرها الآن 9 شهور.
زوجي رجل اجتماعي، بار بوالديه، كريم، يعاملني معاملة حسنة (عندما نكون على وفاق)، ولكن منذ تزوجنا لا يمضي شهر بدون شجار،
ومع أني لا أكون مخطئة بشكل أساسي، ألا أنني في كل مرة أبادر بالاعتذار بعد مرور بضعة أيام؛ لأني إن لم أبادر قد يمضي أسبوع ونحن لا نتحدث، ويستحيل أن يبادر هو بشيء.
وفي كل مرة يغضب فيها يقوم بالصراخ والتكسير والإهانة والتهديد بالطلاق على أتفه المشاكل، أو أتفه نقاش لا يعجبه، ومع أني كنت لا أتحمل أسلوبه وأتضايق كثيرا، لكن بعد بضعة أيام أعاود التأسف؛ لأنه إن لم أُنهِ المشكلة يقوم بتكبير المشكلة، ويدخل أهله في المشكلة.
مع العلم بأني وحيدة في بلاد الغربة عكسه، ولكن في آخر مشكلة تجرأ، ومد يده، وحاول ضربي، فعلمت بأني أنا من أعطيه الإذن بإهانتي،
فوضحت له أنه إذا عاود الصراخ أو الإهانة أو حاول ضربي سيكون هذا فراق بيني وبينه، ولن أتحمل أكثر، وبينت له أن الإسلام لم يعط الرجل الحق بإهانة زوجته، أو الصراخ عليها، وطاعته واجبة علي كما احترامي واجب عليه، وأصبحت أقوم بواجباتي كلها نحوه ونحو المنزل دون التودد إليه؛ حتى فهم خطأه واعتذر، ولكن لم يمض أسبوع حتى عاد لنفس الأسلوب عند الغضب، ولكن ليس هذا فقط ما يزعجني منه، فهو أيضا يحب أن يخرج كل يوم جمعة مع أخيه وبعض الشباب للسهر في المقاهي، وقد يتأخر حتى الساعة السادسة صباحا، وحاولت بشتى الطرق أن أمنعه أو أن أقلل من سهره؛ لأني كنت أظل متضايقة، وأرى الكوابيس عندما لا يكون في البيت ليلا، لكن دون جدوى وعندما أناقشه في الموضوع يغضب ويبدأ في الصراخ.
المشكلة أني اكتشفت من مدة بأنه يقوم بتدخين الحشيش في معظم هذه السهرات، وعندما واجهته اعترف لي بذلك، ووعدني بألا يعاود التدخين، ولكن كنت ألاحظ أنه كان يدخنه من تمييز الرائحة، فأخبرت والده فتفاجأ كثيرا، وقال أن أترك الأمر له، ولكن لم يفعل شيئا، وبعد فترة قال لي إنه يستحيل أن يدخن ابنه الحشيش.
وبعد عدة أسابيع عاود زوجي تدخينه أكثر من مرة، وكان يصارحني، ويقول لي إنه ممنوع أن أخبر أحدا، وأنه ندم ولن يعاود تدخينه، ولكني لاحظت قبل بضعة أيام أنه قد دخنه مجددا، وعندما سألته بدأ بالصراخ والتهديد، وقال إنه ليس من شأني أصلا، فاتصلت بأبيه وحضر وواجهته أمام أبيه، واعترف أمام أبيه أنه قد دخنه، ثم خرجا للتحدث، وعندما عاد أبوه قال لي لن أسمح لأحد بأن يقول عن ابني: حشاش، وهو اعترف أمامك فقط ليسكتك، ولكنه لا يدخن الحشيش، وقد شكا لي بأنك ترفعين صوتك عليه، وتعاندينه دائما، وتقاطعينه، وعليك أن تجدي حلا لنفسك لأنه مل من مشاكلنا ومن عنادي، مع أني لا أرفع صوتي، ولا أقلل احترامه أبدا، وعنادي هو إصراري على أنه مجبور على احترامي.
ومنذ ثلاثة أيام هو لا يكلمني بحجة أني أفشيت سره الذي ائتمنني عليه، وأنه لم يعد يتحمل تصرفاتي، وتكبري "تكبري" هو إصراري على الكرامة التي منحها الله للإنسان، وأنا قد ضعت بين ما هو الصواب وما الخطأ.
أرجوكم أفيدوني، وأرفض التنازل عن حق.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على الزوجين المعاشرة بالمعروف، ومن المعروف أن تطيع المرأة زوجها في المعروف، وتعرف حقه عليها، فلا ترفع صوتها عليه، وعلى الزوج أن يحسن صحبة زوجته، ولا يسيء إليها بقول أو فعل، وإذا ظهرت منها علامات النشوز فله أن يعظها ويخوفها، فإن لم ترجع فله أن يهجرها في المضجع، فإن لم ترجع فله أن يضربها ضرباً غير مبرح. وراجعي الفتوى رقم : 22559 والفتوى رقم : 27662.
وإذا رأت الزوجة زوجها مفرطاً في واجب شرعي، أو واقع في محرم، فليس لها ولاية تأديبه على المعاصي، لكن عليها نصحه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر بالحسنى، وعليها أن تستره ولا تفضحه، ما لم يكن في إخبار بعض الناس مصلحة راجحة، أو كان الزوج مجاهراً لا يبالي بالمعصية ولا يرتدع، فيشرع رفع أمره لمن يردعه.
قال النووي -رحمه الله- : وأما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس هو معروفا بالأذى والفساد، فأما المعروف بذلك فيستحب أن لا يستر عليه، بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة؛ لأن الستر على هذا يطمعه في الايذاء والفساد وانتهاك الحرمات وجسارة غيره على مثل فعله.

وإذا أصر الزوج على تدخين الحشيش، فالأولى للمرأة أن تفارقه بطلاق أو خلع، إلا إذا كانت المفسدة في الطلاق أكبر من مفسدة البقاء معه.
والذي ننصحك به أن تتفاهمي مع زوجك، وتعتذري له عن إخبارك والده بمعصيته، وتتفقا على المعاشرة بالمعروف، وأن يتوب الزوج توبة نصوحاً، ويترك رفقة السوء، ويبدلها بصحبة الأخيار الصالحين، وحضور مجالس العلم والذكر، وسماع المواعظ النافعة، وللوقوف على بعض الأمور المعينة على التوبة من تعاطي المخدرات راجعي الفتوى رقم : 35757.
وأكثري من دعاء الله عز وجل له بالهداية والصلاح، فإن الله قريب مجيب.
وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني