الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذهب الشافعية في استحضار أفعال الصلاة كلها مع النية

السؤال

هل يجب على مذهب الشافعية في نية الصلاة أن أنوي مع نيتي أفعال الصلاة كلها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاشتراط ذلك وإيجابه موضع خلاف بين الشافعية، بعد اتفاقهم على أفضليته، قال الخطيب الشربيني في الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع: يجب قرن النية بتكبيرة الإحرام، لأنها أول الأركان بأن يقرنها بأوله، ويستصحبها إلى آخره، واختار النووي في شرحي المهذب والوسيط تبعا للإمام والغزالي: الاكتفاء بالمقارنة العرفية عند العوام، بحيث يعد مستحضرا للصلاة، اقتداء بالأولين في تسامحهم بذلك، وقال ابن الرفعة: إنه الحق، وصوبه السبكي، ولي بهما أسوة. اهـ.

وقال البجيرمي في حاشيته على شرح الخطيب: قوله: قرن النية ـ أي قرن المنوي وهو أركان الصلاة تفصيلا، مع التعيين ونية الفرضية، ويقصد فعل ذلك وإيقاعه في الخارج من أول التكبير... واعلم أن للقوم هنا أربعة أشياء: استحضار حقيقي بأن يستحضر جميع أركان الصلاة تفصيلا، ومقارنة حقيقية بأن يقرن ذلك المستحضر بجميع أجزاء التكبيرة، واستحضار عرفي بأن يستحضر الأركان إجمالا، ومقارنة عرفية بأن يقرن ذلك المستحضر بجزء ما من التكبير، والمعتمد في المذهب أنه لا بد من الأولين عند م ر ـ يعني الرملي ـ وإن اكتفى بعض المتأخرين بالأخيرين، لما قيل: إن الاستحضار الحقيقي مع القرن الحقيقي لا تطيقه الطبيعة البشرية، بل يكفي الاستحضار العرفي مع القرن العرفي. اهـ.

وقال الجزيري في الفقه على المذاهب الأربعة: ثلاثة من الأئمة اتفقوا على أن استحضار الصلاة من قيام وقراءة وركوع وسجود عند النية، ليس بشرط لصحة الصلاة، وخالف في ذلك الشافعية، فقالوا: لا بد من استحضار بعض أجزاء الصلاة عند النية إن لم يستطع استحضار جميع الأركان. اهـ.
والتدقيق في اشتراط الاستحضار الحقيقي الذي يشمل جميع الأركان فيه عسر ظاهر، وليس دليله بالقائم، ولذلك نقول كما قال السبكي: اختلفوا في هذا الاستصحاب، فقيل: المراد أن يستمر استحضارها إلى آخره، قال: ولكن استحضار النية ليس بنية، وإيجاب ما ليس بنية لا دليل عليه. اهـ.
والتعمق في هذا الباب يؤدي إلى الوسوسة المذمومة، ولذلك قال الخطيب الشربيني بعد كلامه الذي سبق نقله: والوسوسة عند تكبيرة الإحرام من تلاعب الشيطان وهي تدل على خبل في العقل أو جهل في الدين، ولا يجب استصحاب النية بعد التكبير للعسر لكن يسن، ويعتبر عدم المنافي كما في عقد الإيمان بالله تعالى، فإن نوى الخروج من الصلاة أو تردد في أن يخرج أو يستمر بطلت. اهـ.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني