الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم رمي الأوراق المشتملة على ذكر الله في القمامة

السؤال

قرأت في إحدى الفتاوى عندكم أن إلقاء ورقة فيها اسم الله تعالى في القمامة لا يتساوى مع إلقاء المصحف الشريف في القمامة، فالحالة الأولى معصية.. والثانية كفر ـ والعياذ بالله ـ ومن المعلوم أن كثيرًا من الأوراق كالخطابات، وأوراق التعليمات، وكذلك الدعوات للتجمعات تبدأ بالبسملة، وتكثر مثل هذه الأوراق في المدارس، والبسملة مذكورة في القرآن في سورة النمل في قول الله تعالى: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ـ فهل رمي الورقة التي تحوي البسملة ـ رسالة مثلًا أو دعوة ـ يعادل إلقاء المصحف الشريف، بما أن البسملة وردت في آية من القرآن الكريم؟ أم معصية فقط؟
وسؤال آخر مهم: هل من يسكتُ ولا ينصح الناس بعدم رمي الأوراق المشتملة على البسملة في القمامة يدخل في نفس الحكم الذي تفتون به، إذ إن هذه الأوراق كثيرة، لاسيما في فترة ما بعد الاختبارات، حيث تكون قد وُضِعت على طاولة كل طالبة ورقة تعليمات للاختبارات تبدأ بالبسملة، وتقوم الطالبة في حال غفلة منها بعد انتهاء الاختبارات برمي الورقة، ولكم أن تتخيلوا عدد الأوراق بعدد الطالبات في مختلف الفصول؟ وكيف لي أن أُبرئ ذمتي؟ وهل أنصح الجميع، كأن أطلب من معلمة نصحهم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز للمسلم إلقاء الأوراق التي تحتوي على البسملة أو آيات قرآنية، أو أحاديث نبوية، أو على أسماء الله تعالى وتستوي البسملة مع المصحف الكامل في منع رميها امتهانا، قال الدردير في شرحه على مختصر خليل في بيان أمور الردة: كإلقاء مصحف بقذر ـ ولو طاهرا، كبصاق، أو تلطيخه به، والمراد بالمصحف: ما فيه قرآن ولو كلمة... اهـ.

وفي حاشية قليوبي وعميرة في الفقه الشافعي: ومثل المصحف الحديث وكل علم شرعي، أو ما عليه اسم معظم، ولابد في غير القرآن من قرينة تدل على الإهانة، وإلا فلا. اهـ.

ومن رأى مثل هذه الأوراق مرميا في الطريق، وجب عليه أن يأخذها ويصونها أو يتخلص منها بالحرق أو التمزيق، ما استطاع إلى ذلك سبيلا، فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: ما تمزق من المصاحف والكتب والأوراق التي بها آيات من القرآن يدفن بمكان طيب، بعيد عن ممر الناس وعن مرامي القاذورات، أو يحرق، صيانة له، ومحافظة عليه من الامتهان، لفعل عثمان رضي الله عنه. انتهى.

وأما ما يشق من ذلك فمعفو عنه، كما قال تعالى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ {المائدة: 6}.

وقال سبحانه: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78}.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ. رواه أحمد، والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.

وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا. رواه البخاري.

وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 50107، 68289، 183039.

ونعتذر عن إجابة السؤال الثاني، لأننا بيّنّا في خانة إدخال الأسئلة، أنه لا يسمح إلا بإرسال سؤال واحد فقط في المساحة المعدة لذلك، وأن الرسالة التي تحوي أكثر من سؤال، سيتم الإجابة عن السؤال الأول منها، وإهمال بقية الأسئلة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني