الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صيام المريض الذي يتضرر بالصوم

السؤال

أمي عندها جلطة في المخ، وشلل في النصف الأيسر، ومشاكل في القلب، وطريحة الفراش، وعمرها أكثر من 60 عامًا، والطبيب المعالج لها رفض أن تصوم رمضان الماضي، وأمي تريد أن تصوم، فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كان الصوم يضر بأمك، ولا تستطيعه إلا بمشقة بالغة، فلها أن تفطر، ثم إن قدرت على القضاء، فإنها تقضي، وإن كانت لا تقدر على القضاء -كما هو الظاهر- فإنها تطعم مكان كل يوم مسكينًا؛ لقوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ {البقرة:184}، وقد نص الفقهاء على أنه يكره للمريض الصوم إذا كان يتضرر به، وذكر بعضهم أنه يحرم عليه إذا خاف التلف، قال في الإنصاف: قَوْلُهُ: (وَالْمَرِيضُ إذَا خَافَ الضَّرَرَ، وَالْمُسَافِرُ: اُسْتُحِبَّ لَهُمَا الْفِطْرُ) أَمَّا الْمَرِيضُ إذَا خَافَ زِيَادَةَ مَرَضِهِ، أَوْ طُولَهُ، أَوْ كَانَ صَحِيحًا، ثُمَّ مَرِضَ فِي يَوْمِهِ، أَوْ خَافَ مَرَضًا لِأَجْلِ الْعَطَشِ، أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْفِطْرُ، وَيُكْرَهُ صَوْمُهُ وَإِتْمَامُهُ إجْمَاعًا... وإذَا خَافَ التَّلَفَ بِصَوْمِهِ، أَجْزَأَ صَوْمُهُ، وَكُرِهَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَالِانْتِصَارِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ: يَحْرُمُ صَوْمُهُ. انتهى.

ومن العلماء من رجح وجوب الفطر على المريض الذي يتضرر بالصوم، وأنه يحرم عليه أن يصوم، وهو ترجيح الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-، وانظر الفتوى رقم: 175083.

وإذا علمت هذا؛ فعليك أن تذكر لأمك كلام الفقهاء، وأن الواجب عليها عند بعض العلماء الفطر، إن كانت تتضرر بالصوم.

وأما إن كان الصوم لا يشق عليها، ولا تتضرر به، فيجب عليها الصوم، وانظر الفتوى رقم: 126657 لبيان ضابط المرض المبيح للفطر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني