الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قول: الله ورسوله، وما دونهما

السؤال

حكم قول: الله ورسوله، وما دونهما؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن محل الاستشكال من العبارة المذكورة في السؤال غير واضح، لكن على كل حال: إن كنت تستشكلين الجمع بين لفظ الله ورسوله في ضمير واحد، فهذا الأمر موطن خلاف بين العلماء.

جاء في نيل الأوطار - في شرح حديث خطبة الحاجة وفيه: من يطع الله تعالى ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله تعالى شيئا. رواه أبو داود وصححه النووي، وضعفه الألباني- : (ومن يعصهما) فيه جواز التشريك بين ضمير الله تعالى ورسوله، ويؤيد ذلك ما ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم بلفظ: «أن يكون الله تعالى ورسوله أحب إليه مما سواهما» وما ثبت أيضا: «أنه صلى الله عليه وسلم أمر مناديا ينادي يوم خيبر: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية».

وأما ما في صحيح مسلم وسنن أبي داود والنسائي من حديث عدي بن حاتم: «أن خطيبا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله تعالى ورسوله فقد غوى» فمحمول على ما قاله النووي من أن سبب الإنكار عليه أن الخطبة شأنها البسط والإيضاح، واجتناب الإشارات والرموز.

قال: ولهذا ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا لتفهم عنه.

قال: وإنما ثنى الضمير في مثل قوله "أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما" لأنه ليس خطبة وعظ وإنما هو تعليم حكم، فكل ما قل لفظه كان أقرب إلى حفظه، بخلاف خطبة الوعظ فإنه ليس المراد حفظها، وإنما يراد الاتعاظ بها، ولكنه يرد عليه أنه قد وقع الجمع بين الضميرين منه صلى الله عليه وسلم في حديث الباب، وهو وارد في الخطبة لا في تعليم الأحكام.

وقال القاضي عياض وجماعة من العلماء: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أنكر على الخطيب تشريكه في الضمير المقتضي للتسوية، وأمره بالعطف تعظيما لله تعالى بتقديم اسمه؛ كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: «لا يقل أحدكم: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن ليقل: ما شاء الله ثم ما شاء فلان»

ويرد على هذا ما قدمنا من جمعه صلى الله عليه وسلم بين ضمير الله وضميره. ويمكن أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أنكر على ذلك الخطيب التشريك؛ لأنه فهم منه اعتقاد التسوية، فنبهه على خلاف معتقده، وأمره بتقديم اسم الله تعالى على اسم رسوله؛ ليعلم بذلك فساد ما اعتقده. اهـ.

وعلى هذا: فاجتناب التشريك في الضمير أولى وأحسن، خروجا من الخلاف، وإمعانا في الأدب مع الله، فالعبارة المذكور في السؤال الأنسب منها أن يقال: ما دون الله ورسوله. والمعنى: غير الله ورسوله. كما جاء في تفسير الجلالين وغيره في تفسير قوله تعالى: ... وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {البقرة:23}، أن معنى" مِنْ دُون اللَّه": أَيْ غَيْره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني