الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

كنت أبحث عن عمل لفترة طويلة، وقلت إذا حصلت على وظيفة بشكل رسمي؛ فسأتصدق بأول راتب.
المشكلة في نظام بلدي أن الموظفين الجدد يتلقون الراتب بعد 6 أشهر عمل، يعني راتبا متراكما.
هل يترتب علي التصدق بكل المبلغ، أو فقط أقتطع راتب الشهر الأول، مع العلم أني في وضع حرج ماليا، والمبلغ كبير نوعا ما؟
أرجوكم أرشدوني.
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من صدر منه نذر طاعة لله تعالى، وجب عليه الوفاء بما نذر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
والنذر ينعقد بكل لفظ يشعر بالتزام القربة، مثل إن شفا الله مريضي أصوم كذا، أو أتصدق بكذا.. ومثل قول السائلة: إذا حصلت على وظيفة، سأتصدق بأول راتب.

جاء في حاشية الدسوقي المالكي: (قَوْلُهُ: كَلِلَّهِ عَلَيَّ...) أَتَى بِكَافٍ التَّمْثِيلِ، إشَارَةً إلَى عَدَمِ انْحِصَارِ الصِّيغَةِ فِي لِلَّهِ عَلَيَّ، أَوْ عَلَيَّ كَذَا، فَيَلْزَمُ بِكُلِّ لَفْظٍ فِيهِ إلْزَامٌ مِثْلُ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي، أَوْ قَدِمَ غَائِبِي، أَوْ نَجَوْت مِنْ أَمْرِ كَذَا وَكَذَا فَأَنَا أَصُومُ يَوْمَيْنِ، أَوْ أُصَلِّي كَذَا، أَوْ أَتَصَدَّقُ بِكَذَا. اهـ.

ولذلك فإن اللازم في نذرك هذا هو التصدق براتب الشهر الأول -دون غيره من الشهور- حسبما لفظت، وحسب ما يبدو من معطيات السؤال؛ لأن لكل شهر راتبا محددا، إلا إذا كنت نويت أول ما تستلمين من المال، بغض النظر عن كونه راتب شهر أو أكثر، أو أقل؛ فإن عليك أن تتصدقي به كاملا، سواء كان أكثر من راتب شهر أو أقل منه؛ لأن الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، ولأن مبنى النذر على النية كما قال الخرشي: "وَيُنْظَرُ فِي النَّذْرِ كَالْيَمِينِ إلَى النِّيَّةِ". اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني