الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الكلام الذي يحتمل الكفر وغيره

السؤال

أنا صاحبة الفتوى التي رقم سؤالها: 2661960
أحكي لكم القصة بالكامل: أنا من المغرب، في إحدى القرى، كنت يوما جالسة مع أختي، ثم قلت لها بأن شخصا قال لي شيئا دنيويا، ثم قال: (تذكري؛ فإن الذكرى تنفع المؤمنين) ثم قلت: يا ليت هذه الآية لم تكن في القرآن، قالت لي: كل شخص يريد أن يذكرك بشيء يقول الآية.
وبعدها لم أتذكر ما قلت، ولكن وافقتها، لم أستنكر ما قالت. فضحكنا، لم أكن علم بأن ما قلنا فيه إثم، وأنه كفر، ولم أعلم بأن هذا القول يخرج من ملة الإسلام، وأن قولنا قول عظيم.
وما علمت أن ما قلنا كفر، إلا بعد أربع سنوات.
بعد ذلك قلت كلمة سب، فقال لي زوجي بأن ما قلته يعني سب الله. أنا غير موافقة أبدا، وقلت لأنني سببت أبوي شخص، الكلمة التي قلتها: (الله ينعك ديل موك) قال لي نحن الكلمة ننطقها عندنا (الله ينعل دين أو مك)، حيث للدين اختلاف في اللغة، أنا أمازيغية، وهو عربي، ولم أنتبه.
وبعد أشهر قلت نفس الكلمة، فقال لي زوجي: أستغفر الله، أستغفر الله في الحين، ثم ذهبت إلى النت أستفسر ما معنى هذه الكلمات
التي قال لي زوجي؛ فوجدت أنها تعني سب الدين، وأنا في نفسي معنى الكلمة التي قلت تعني سب الوالدين، وليس سب الدين، ودخلني الشك وذهبت وسألت أختي: ماذا تعني الكلمة التي قلتها؟ فقالت لي بأنها تعني سب الأبوين، وليس الدين، وأنا هذا هو اعتقادي.
هل كفرت؟
سؤالي: هل ما قلت في سؤالي المرة الأولى أنني أرتد عن الإسلام؟ وإن كنت قد ارتددت عن الإسلام؟
هل عقد النكاح باق؟ علما أنني لا أذكر متى وقع مني هل قبل عقد النكاح، أو بعد عقد النكاح أو بعد الدخول؟ لا أذكر شيئا، الشيء الذي أتذكره أنني كنت مخطوبة.
هل يجب علي أن أخبر زوجي، أو أستر على نفسي، علما أنني لم أعرف ماذا ستكون ردة فعل زوجي، وأنا لدي أطفال صغار، وأخاف أن يطلقني ولدي أطفال.
أرجوكم أريد جوابا شافيا.
وهل زواجي كل هذه المدة يعتبر زنا؟
أرجوكم الرد بسرعة.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي نراه أن تحقيق التوبة والإكثار من الاستغفار والأعمال الصالحة، هو الذي ينبغي أن تنشغل به السائلة.

وأما الحكم بالردة، وما يترتب عليه من السؤال عن عصمة النكاح، فلا نرى أن له موقعا بعد كل هذه المدة (أربع سنوات)!!
وعلى أية حال، فإن الكلمة التي تحتمل الكفر وغيره، لا يحكم بالردة على قائلها، وإن كان احتمالها للكفر أكثر.

جاء في شرح الزرقاني على مختصر خليل: من أتى بلفظ يحتمل الكفر من وجوه كثيرة، ويحتمل الإِسلام من وجه واحد، فإنه لا تجري عليه أحكام المرتد. اهـ.
والعبارة الأولى: (يا ليت هذه الآية لم تكن في القرآن) ليس صريحا في الكفر؛ لأن سياقها يدل على أن الاعتراض ليس على الآية ذاتها، وإنما على المستدلين، أو المستشهدين بها في كل موقف!! وكذلك عبارة: (الله يلعن دين أمك) يحتمل أن يكون السب أو اللعن على الأم نفسها، أو على سلوكياتها، وليس لدينها الذي هو دين الإسلام، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 319498.
وجاء في فتاوى عليش (فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك): ما قولكم في رجل أراد قراءة ربعة قرآن في بيته، فوجد بعض الأجزاء غائبا، والفقيه الذي هي موقوفة تحت يده كذلك، فقال: "داهية تجيء الربعة وأصحابها" فهل يرتد بذلك، وتجرى عليه أحكام المرتد؟ أفيدوا الجواب.

فأجبت بما نصه: الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله.

لم يرتد بذلك، فلا تجرى عليه أحكام المرتد؛ لدلالة السياق على أن مراده الجلد والورق والنقوش، لا مدلولها من ألفاظ القرآن العزيز، المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ...
وسئل خاتمة المحققين أبو محمد الأمير -رحمه الله تعالى- عمن شق ثوبه وقال: "خرج من دينه".

(فأجاب) بأنه يشدد عليه الأدب، وتلزمه التوبة والاستغفار، ولا يحكم عليه بالردة إلا أن يقصدها؛ لأنها أمر خطر يستلزم سفك الدم، وحرمة الزوجة، وغير ذلك من أحكامها، فلا يحكم مع قيام الاحتمال؛ لأن الخروج عن الدين، يحتمل الخروج عن كماله بالفسق، كما ورد «من غشنا فليس منا» ، «ليس منا من استنجى من ريح» والله تعالى أعلم. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني