الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفراق أولى من البقاء مع زوج يسب الله عز وجل

السؤال

لطالما دعوت ربي أن يرزقني الزوج المؤمن الصالح التقي، فتقدم لخطبتي شاب، ووافقت عليه، وكانت فترة الخطبة مليئة بالمشاكل، وكنت أصلي دائمًا الاستخارة، وتزوجت، وبعد فترة من الزواج اكتشفت أن زوجي لم يترك فعلًا قبيحًا إلا وعمله في حياته، واكتشفت أنه كان يمارس اللواط ـ والعياذ بالله ـ ولكنه بحسب قوله تركه، وأشك في ذلك، ويوهمني أنه شخص يصلي، ولا يسب الله، ويصوم، ولكنه لا يفعل أيًّا من هذا، حيث قرأت محادثة بينه وبين صديق له كلها سب لله عز وجل ـ والعياذ بالله ـ وتأثر ديني كثيرًا، وأحيانًا أضر بنفسي من كثرة الضغط، وخلال العلاقة يكون عنيفًا، وأشعر أنني لست طاهرة من كلامه، ويقول: سأدع فلانًا يفعل كذا وكذا بك، وطالما صارحته، فلم يتغير، ويجبرني على قول قبيح الكلام، ولا يعطيني المتعة إذا لم أتكلم، وكنت أحبه، ولكنني الآن أكرهه بمعنى الكلمة، ولا أقوى على الطلاق؛ نظرًا لظروف أهلي القاهرة التي يمرون بها، وأنا مستاءة جدًّا، ودائمًا أفكر في أنني أقول: يا رب كنت أدعوك أن تهبني الزوج الصالح الذي يعينني على ديني، ولكن زوجي غير صالح، وأثر عليّ كثيرًا، قل لي كلامًا يثلج صدري؛ لعلي أجد الراحة؛ لأن حياتي في جحيم منذ 3 سنوات، وخصوصًا في هذه الفترة بعدما اكتشفت سبه لله عز وجل، علمًا أنني لم أترك جهدًا إلا وفعلته، وسوف نعمل زراعة أنابيب، فهل تؤيدون ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت، فلا تسعي للإنجاب من هذا الرجل، وعليك أن تفارقيه بطلاق، أو خلع، ولا يثنيك عن ذلك ظروف أهلك، فمهما كان في فراقه من مفاسد، فلا تقاس بمفسدة بقائك معه على تلك الحال، وإذا حرصت على مرضاة الله، وتوكلت عليه، فسوف يرزقك، ويكفيك ما يهمك، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:2ـ3}، وقال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ {النساء:130}.

قال القرطبي: أي: وإن لم يصطلحا، بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقرّ بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها.

وقال ابن القيم -رحمه الله-: قَدْ يَكُونُ الطَّلَاقُ مِنْ أَكْبَرِ النِّعَمِ، الَّتِي يَفُكُّ بِهَا الْمُطَلِّقُ الْغُلَّ مِنْ عُنُقِهِ، وَالْقَيْدَ مِنْ رِجْلِهِ، فَلَيْسَ كُلُّ طَلَاقٍ نِقْمَةً، بَلْ مِنْ تَمَامِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ مَكَّنَهُمْ مِنَ الْمُفَارَقَةِ بِالطَّلَاقِ، إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني