الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود

السؤال

قبل فترة باشرت شراء سيارة أقساط من معرض لبيع السيارات، وبعد السير في الإجراءات، تبين أنهم يتعاملون مع شركة تمويلية.
وبعد الاستفسار من الإفتاء الأردني، وشرح الطريقة لهم، تبين أن شروط بيع المرابحة الإسلامية غير متوفرة؛ لذلك تراجعت عن الشراء. لكن زوجي كان قد وقع العقد معهم، ويوجد شرط جزائي في العقد أنه عند التراجع عن عملية الشراء، ندفع غرامة مالية مقدار 5% من سعر السيارة = 850 دينارا أردنيا، حيث إنهم لم يخبرونا بهذا الشرط الجزائي عند التوقيع "حسبي الله ونعم الوكيل، أشكوهم إلى الله" رغم ذلك لم أتمم عملية الشراء.
سؤالي: هل هذا الشرط الجزائي حلال أم حرام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالوعد بالشراء إن ترتب على النكول عنه ضرر بالموعود، فيجوز له تحميل الضرر الفعلي للآمر بالشراء.

جاء في قرار المجمع الفقهي المنعقد في سنة 1403هـ، الموافق 1983م: ويرى المؤتمر أن أخذ العربون في عمليات المرابحة وغيرها، جائز، بشرط أن لا يحق للمصرف أن يستقطع من العربون المقدم إلا بقدر الضرر الفعلي المتحقق عليه من جراء النكول. اهـ.

وأما فرض نسبة مطلقا، قد تساوي الضرر، وقد تفوقه، وقد تقل عنه، وقد لا يوجد ضرر أصلا، فهذا لا يصح، وإنما يلزم الواعد بتحمل الضرر الفعلي إن وجد.

لما جاء في القرار الذي أصدره مجلس هيئة كبار العلماء، بعد مناقشة البحوث حول الشرط الجزائي، ما نصه: فإن المجلس يقرر بالإجماع، أن الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود، شرط صحيح، معتبر، يجب الأخذ به، ما لم يكن هناك عذر في الإخلال بالالتزام الموجب له يعتبر شرعا, فيكون العذر مسقطا لوجوبه حتى يزول، وإذا كان الشرط الجزائي كثيرا عرفا بحيث يراد به التهديد المالي, ويكون بعيدا عن مقتضى القواعد الشرعية, فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة، أو لحق من مضرة، ويرجع تقدير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظر. اهـ.

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن موضوع الشرط الجزائي في البند الخامس: الضرر الذي يجوز التعويض عنه، يشمل الضرر المالي الفعلي, وما لحق المضرور من خسارة حقيقية, وما فاته من كسب مؤكد، ولا يشمل الضرر الأدبي، أو المعنوي. سادسا: لا يعمل بالشرط الجزائي إذا أثبت من شرط عليه أن إخلاله بالعقد كان بسبب خارج عن إرادته, أو أثبت أن من شرط له لم يلحقه أي ضرر من الإخلال بالعقد. اهـ.

هذا من حيث الإجمال، وإلا فالمسألة موضع السؤال تحتاج تفصيلا، لمعرفة حقيقة المعاملة، وهل لحق بالطرف الثاني ضرر بسبب الوعد أم لا؟ وهل النكول لعذر شرعي أم لا؟ وغير ذلك مما يترتب عليه أثر في الحكم، والأولى مشافهة أهل العلم بها حيث أنتم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني